الحلقة 9
اليوم التالى صباحا
مراد يبحث عن حجرة على سليمان فى المستشفى
يصل بعد البحث لعنبر به عدد من الرجال
يقترب من على سليمان
"صباح الخير ياعم على...ازى صحتك"
يعتدل على مرحبا
"صباح النور ياباشا... اتفضل"
جلس مراد على حافة السرير
"ايه اخبارك الدكتور قال هتخرج امتى"
"مش عارف ياباشا...بس ادينى هنا ارحم من الحجز واللى فيه"
"حجز ايه... انت مش ملاحظ ان الحراسة اللى كانت عليك والكلابشات اتفكت..
.انت خرجت من القضية خلاص... كنت عايزنى ف ايه؟"
"بجد انا خرجت من القضية... الحمدلله... طيب يبقى اللى كانت عايزك
فيه مالوش لزوم"
"اللى هو ايه اللى كنت عايزنى فيه؟؟"
"انا افتكرت حاجة بخصوص البت اللى اتقتلت"
"انت كنت تعرفها؟؟"
"معرفهاش اوى... شفتها كام مرة بس... هى فعلا على اسمى"
"ازاى؟؟"
"من كام سنة كده مش فاكر قد ايه...يمكن 7يمكن 8 يجوز10 مش عارف
بالظبط كنت بشتغل بواب ف عمارة فى المهندسين...مشونى منها
ساعتها مكنتش بلاقى مكان انام فيه ولا معايا فلوس... كنت بشحت
وقتها لانى كنت ببقى محتاج فلوس وانا بخاف اسرق او لو يمكن كنت
بعرف كنت سرقت...المهم كانوا اصحاب المحلات اللى جنب العمارة
اللى كنت فيها عارفيننى فكانوا اللى عايزنى اغسله عربية مثلا ولا اجيبله
حاجة وكانوا بيراضونى بزيادة.... ف يوم جالى السواق بتاع الست زيزى
وقال انها عايزانى ف حاجة مهمة وهتدينى منها مبلغ كبير"
"ثوانى...مين الست زيزى دى؟"
"دى عندها محل كوافير حريمى كبير هناك وكنت بشوفها وساعات بتدينى
فلوس او تبعت لى أكل"
"وبعدين...كانت عايزاك ف ايه"
"روحت لها معاه المكتب بتاعها فى المحل... انا اول مرة ادخل هناك يا باشا..
.لقيت ستات اشكال والوان وبنات كتير بيشتغلوا ...قلت بس جايبالى
شغل ولما لقيت كله ستات استغربت قلت وانا هشتغل ايه
وسط الستات دى كلها"
"وبعدين"
"قابلتها... جابت لى اكل وانا باكل قعدت تتكلم معايا شوية عن الناس
الغلابة والظروف الصعبة اللى بتمر بالناس وانها ازاى بتحب تساعد الغلابة..
.استغربت ان واحدة زيها ربنا كارمها كده وحاسة بالغلابة بس قلت ف سرى
الناس الطيبة كتير"
"كل ده ايه علاقته بسناء"
"ما انا جاى لسعادتك اهو فى الكلام... لقيتها بتقول ان البنات اللى بيشتغلوا
عندها دول اكترهم غلابة وانها محتاجة لى فى مساعدة بنت غلبانة..
.ضحكت وقلت لها وانا حيلتى ايه علشان اساعد ده انا محتاج اللى يساعدنى"
"كانت عايزة تجوزك ولا ايه؟"
"لا... قالتلى ان فيه بنت بتشتغل عندها ومالهاش اهل واخدتها من الشارع
وعطفت عليها والبنت دى مالهاش اى اوراق وانها عايزة تطلع لها شهادة
ميلاد وبطاقة علشان تقدر تعيش حياتها عادى زى اى حد"
"آآآآآه... والمطلوب انك تكتبها على اسمك"
"تمام يا باشا... بس ساعتها انا قلتلها انى متجوزتش ولا اعرف
اعمل اوراق ولا حاجات من دى...قالت لى ان السواق هو اللى
هيكون معايا ويخلص كل حاجة هما بس محتاجين انى اعمل ابوها علشان
لازم شهادة ميلاد الاول وبعدين البطاقة"
"وعملت كده؟"
"انا قلقت ف الاول بس لما قالتلى هتدينى 10 الاف جنيه وانا مكنش معايا
ربع جنيه اتلغى اى تفكير ووافقت على طول"
"وطلعتوا الاوراق؟"
"السواق بتاعها كان معايا خطوة بخطوة او انا اللى كنت معاه وكان
بيمشى كل حاجة سواء بالفلوس او بمعارف الست ... انا لا فاكر
البنت كان اسمها ايه ولا حتى فاكر شكلها...الحكاية كلها كام يوم
واخدت الفلوس وروحت اخدت الاوضة اللى انا عايش فيها دلوقتى
ونسيت خالص الموضوع ده واول ما افتكرته طلبت اقابل حضرتك"
نهض مراد من جواره... وهو يشكره
"شكرا يا عم على... وحمدالله على سلامتك"
ماجد جالسا امام مكتب مراد ... يدق على المكتب باصابعه فى صمت...
بينما ينظر له مراد منتظرا تعليقا
كف ماجد عن دقاته المتتالية واعتدل فى جلسته راجعا للخلف
"وبعدين؟"
"خلاص...دى كل الحكاية"
"ماشى يعنى... ايه علاقتها بقضيتنا"
"مش شايف اى علاقة"
"لا الحقيقة مش شايف"
"سناء واضح ان وراها اسرار مستخبية"
"واحنا مالنا... احنا لينا قضيتنا اللى شغالين فيها والقاتل لقيناه
الحمدلله وشغلنا خلص"
"فيه حاجة جوايا بتقولى ان وليد صادق رغم ان كل الادلة ضده
بس مش عارف ليه مصدقه"
"مراد باشا قدوتى واللى بتعلم منه بيعتمد على احساس؟؟"
"متنساش برضه ان ظابط المباحث ليه نظرة... وليد ده شكله اخيب من
انه يقتل... انا اول ما جيت المكتب راجعت الملف تانى...بيان المكالمات
مفيش اى علاقة بينهم غير قبل الحادثة بيوم واحد...تفتكر ايه الدافع
اللى هيخليه يقتل واحدة عرفها يوم واحد"

"يمكن اختلفوا على فلوس... يمكن زى ماقلت خايب وهددته بالفضيحة وخاف..
.يمكن اختلفوا على اى حاجة"
"ماشى...وارد يختلفوا...ساعتها القتل هييجى غصب عنه بسكينة المطبخ
مثلا او مقص من البيت... او ضرب وشد وجذب زى اى خناقة...
القتيلة متعرضتش لاى اعتداء جسدى...يعنى لو اختلفوا مش معقول واحد
من اول خلاف هيدبح اللى قدامه... سناء اتقتلت قتل عمد يا ماجد"
"وده معناه؟؟"
"ان القاتل عنده دافع قوى ورايح متعمد انه يقتلها"
"انا عارف انها قضية متعبة م الاول... طيب ثوانى بقى... بصمات وليد
الموجودة على جرس الباب"
"ايه المشكلة انه يكون تواجد فى وقت ومكان الجريمة...
ده مش معناه انه القاتل"
"يعنى هتفرج عنه؟"
"لا طبعا مينفعش... كل الادلة ضده وهو الجانى بالادلة وشهادة الشاهدة"
"لأ مش فاهم... منين سعادتك بتدافع عنه ومنين بتقول هو الجانى"
"دفاعى عنه شكوك... ممكن يكون هو القاتل فعلا وممكن يكون لأ...
انا بس عايز ادور ورا القتيلة واشوف مين عنده دافع انه يقتلها...
ساعتها لو لقينا القاتل وليد يبقى برئ... ملقيناش القاتل وكل الادلة
ضد وليد يبقى احساسى ونظرتى واستنتاجى غلط ومفيش غير التسليم
بالادلة المنطقية"
"تمام... المطلوب منى طبعا تحريات عن صاحبة محل الكوافير
بتاع المهندسين"
"التحريات هعملها معاك بنفسى"
"عدم ثقة يا باشا؟؟"
"لا طبعا يا ماجد...انت ظابط كُفء ...انا بس بقى عندى فضول ناحية القضية دى"
هاجر انهت ارتداء ملابسها... تُعدل من حجابها وتنظر لنفسها ولعينيها التى
ترك البكاء اثرهما عليها
تضع مزيدا من الكحل لعله يضئ عينيها الذابلة
يطرق والدها الباب طرقات خفيفة
"هاجر"
"اتفضل يابابا"
"لبستى؟"
"ايوه"
"انتى هتروحى الشغل؟"
"ان شاءالله"
جلس على حافة السرير
"طيب اقعدى عايز اتكلم معاكى كلمتين"
جلست بجواره...ضمها لصدره
"انا لما قلت عليه لأ زى مايكون كان قلبى حاسس...انتى اللى صممتى
وانا وافقت علشان خاطرك... دلوقتى يا هاجر بأكد لك انه مينفعكيش...
متتعلقيش بواحد مستنى اعدام ولا مؤبد"
"متقلقش يابابا انا مش عايزاه خلاص"
"وبتقوليها وانتى زعلانة ليه...يا بنتى ده مجرم وميتزعلش عليه احمدى
ربنا انه نجاكى...بدل قتل يبقى يقدر يقتل اى حد"
ردت وهى تعود للخلف وتنظر له
"بابا... وليد مش معقول يقتل...اكيد فيه حاجة غلط"
"يعنى ايه...لسه عايزاه برضه"
"لا... اطمن...قرارى مش هرجع فيه"
"وعاملة ف نفسك كده ليه وبتقوليها وانتى زعلانة عليه اوى كده ليه"
"انا زعلانة على نفسى اكتر"
هاجر فى المكتب... وحدها تبكى حبها وحبيبها الذى فقدته
تسمع صوت اقتراب خطوات من الباب المفتوح... تمسح دموعها
يدخل زياد...يلاحظها وهى تمسح دموعها
يقف لحظات بعدما ألقى عليها التحية
يحاول جاهدا البحث عن كلمات...لا يجد...يكمل طريقه لمكتب
دقائق وتلحقه هاجر ...وبخطوات مترددة وقلب حزين وصوت مختنق تسأله
"قابلت وليد؟"
تجلس فى انتظار رد
يرد بأسى "ايوه"
"واخبار القضية ايه؟"
"كويس ياهاجر انك فكرتى تانى... وليد بيقولك انه مقتلش..
.لما قلتله على موضوع فسخ الخطوبة حسيت انه هيتجنن...
بيقولى انه عايز يقابلك وطبعا ده مينفعش فبيقولى اقولك انه برئ"
تنساب الدموع على وجنتى هاجر بغزارة... تستجمع قدرتها على الحديث
"انا مش عايزة اقابله ولا بفكر تانى... انا حبيت اطمن بس...
هو ايه اللى حصل بالظبط وخلاهم يتهموه؟؟؟
قص زياد على هاجر ما قصُه عليه وليد
نهضت لتغادر وهى تبكى...استوقفها نداء زياد
"استنى ياهاجر... انا مصدق ان وليد برئ... انا بس محتاج اقرا القضية
كويس علشان اقدر اساعده وان شاءالله هقدر ولو حسيت انى
مش هقدر هشوف له محامى كبير احسن منى يترافع عنه"
"ربنا ينجيه"
"يعنى انتى مصدقاه...هيفرح اوى لما يعرف"
"مصدقة انه مقتلش... بس ده ميغيرش حاجة ...وليد خاننى"
"محصلش حاجة...صدقينى حتى مقابلهاش"
"لولا انها اتقتلت كان خاننى عادى... انا كنت بموت علشانه وبتحدى
اهلى وهو رايح يعرف واحدة زى دى ولا كأن فيه واحدة مبتفكرش
فى حد غيره... انا كنت عبيطة اوى انى صدقت ان فيه حب واخلاص...
وليد اثبت لى ان الاخلاص مش موجود فى ايامنا دى"
لم يستطع زياد... رغم عمله كمحامى... ان يدافع عن وليد فى قضية
ابسط بكثير من القتل
الخيانة... جريمة بشعة وان كان لا يعاقب عليها القانون

وصل مراد بسيارته للعنوان الذى وصفه على سليمان
ترجل من السيارة بصحبة ماجد... ظل كل منهم يبحث بعينيه عن المكان المقصود
تقدم ماجد خطوات وسأل عامل بأحد المحلات التجارية
"فيه فى الشارع هنا كوافير صاحبته اسمها مدام زيزى"
شاور العامل على محل بدورين مغطى ويتم به اعمال للصيانة
"بيوتى سنتر مدام زيزى... اللى بيتوضب ده... مش عارف ازاى
ليها عين تيجى تفتحه تانى"
اقترب مراد مشاركا فى الحديث
"ليه...هو كان مقفول؟"
العامل"ايوه... اتقفل من ساعة ما اتقبض عليها"
مراد"اتقبض عليها ليه؟؟ وامتى"
العامل ينظر له بتشكك
"ليه حضرتك مين ؟"
رد ماجد بسرعة
"مب..."
قاطعه مراد وجذبه من ذراعه
"شكرا... احنا كنا سامعين انه بيتباع بس خلاص بقى مفيش نصيب"
ذهب مراد فى اتجاه سيارته... وماجد يتبعه
تتبعهما نظرات متشككة وغير مصدقة من العامل الذى سرعان
ما اشاح بنظره عنهما قائلا فى سره
"وانا مالى"
ماجد سأل مراد
"ليه يا فندم مخلتنيش اقول اننا مباحث كان قال كل اللى يعرفه"
"وليه نقول والكلام يوصل اننا بنسأل عليها... خلينا نعرف بطريقتنا"
"يعنى هنكمل فى تحرياتنا سرا؟؟"
"حسب الموقف يا ماجد لسه مش محدد...يالا بينا"
"على فين؟"
"نعرف اتقبض عليها ليه... وبالتفصيل كمان"
مراد وماجد فى مكتب بمديرية الامن
يدخل احد الضباط يحمل ملفا
"اتفضل يا مراد"
مراد"متشكر اوى يا عمرو"
يفتح مراد الملف بلهفة... ويردد بصوت ليسمعه ماجد
"زينب فوزى عثمان... دعارة... بس شكلها مش غريب عليا"
يقترب ماجد لينظر فى الصورة
"اه فعلا... وشها مألوف.. هى ليها سوابق قبل كده"
قاطعهما عمرو شارحا ما بالملف
"زينب وشها مألوف بالنسبة لكم مش علشان ليها سابقة قبل دى...
دى لانها سيدة مجتمع من اللى غاويين ظهور... عندها البيوتى
سنتر وتلاقيها فى الاعمال الخيرية...يعنى يوم اليتيم لازم تعمل حفلة
كبيرة ف دار ايتام كل سنة... موائد رحمن فى رمضان...يعنى بتبعد
عن نفسها الشبهات وفعلا كانت بعيدة تماما عن الشبهات"
مراد"ووصلتوا لها ازاى"
عمرو"بلاغ"
مراد"من مجهول؟"
عمرو"لأ... بنت من اللى كانوا عندها هى اللى بلغت... ولما عملنا تحرياتنا
وراقبنا فيلتها وتليفوناتها قدرنا فعلا نعرف انها بتدير شبكة دعارة بتستغل
فيها بنات قُصَر علشان كده اخدت 5 سنين"
يبحث مراد فى الملف عن تفاصيل اكثر دقة
يردد ناظرا لماجد
"خرجت من شهرين"
ماجد يبتسم ويكمل
"قولى ان تخمينى صح وان اللى بلغت عنها سناء سليمان"