عرض مشاركة واحدة
  #33  
قديم 05-27-2010, 12:53 AM
الصورة الرمزية مُنتهى آلرقـه
مُنتهى آلرقـه غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: الأمآكن الي مريت إنت بيهآ .,,
المشاركات: 1,259
مُنتهى آلرقـه is on a distinguished road
افتراضي

أستعيد الآن كلامه هذا.. متذكراً قولاً لمعاوية بن أبي سفيان " إن ثلث الحكمة فطنة, وثلثيها تغافل".

ذلك أنه ما كان لي أن أدرك ثلثي حكمته إلا وأنا أجمع أشياء موته, وأقع فجأة بين حاجاته على نسخة من كتاب "فوضى الحواس" تبدو منهكة لفرط تداولها, نسخة بدون إهداء, من الأرجح أن يكون اشتراها. ذلك أن السعر مكتوب بقلم الرصاص على صفحتها الأولى.. بالفرنك الفرنسي. وفي الأرقام الثلاثة تلك, كانت تختصر كل فجيعة رجل أحالته حبيبته من قلب كتاب كان سيده, إلى غريب لا مكان له حتى في إهداء الصفحة الأولى. يدفع 140 فرنكاً, كي يعرف ما أخبارها مطارداً خيانتها بين السطور.

كان يعرف إذن من أكون, وكان يواجهني بالتغابي ذاته!



نزلت عليَّ صاعقة الاكتشاف, وسمَّرتني مكاني. رحت من دهشتي أتصفح الكتاب وأعيد قراءة صفحات منه كيفما اتفق وكأنني أكتشفه لتوّي, باحثاً عما يمكن أن يكون قد تسقطه عني.

كيف له في محاولة لتقصِّي أخبارها, ألا يشتري كتاباً لها صدر بعد أن افترقا.

وهي التي كالأنظمة العربية, تحترف توثيق جرائمها, واستنطاق ضحاياها في كتاب. كيف لها ألاَّ تجعلني مفضوحاً بالنسبة إليه, بقدر ما كان هو في " ذاكرة الجسد", وإذ بواحدنا يعرف عن الآخر كل شيء, جاهلاً فقط علم الآخر بذلك.



كمن يحاول فكّ سرِّ كبير, بترتيب فسيفساء الأسرار الصغيرة, رحت أحاول أن أفهم, في أيّ موعد بالذات أدرك من أكون, وأيّ تفصيل بالذات جعله يتعرَّف عليّ. أمن الاسم الذي أعطته له فرانسواز, وهي تطلب لي موعداً معه؟

ترى لو لم أقدِّم نفسي على أنني خالد بن طوبال أكان سيتعرف عليَّ مثلاً من عاهة ذراعي اليسرى التي لا تتحرك بسهولة؟ أم كان سيعرفني لأنني كما في الرواية مصوِّر...ومن قسنطينة؟ ولأفترض أنني عندما زرته في المستشفى لم أقل له شيئاً على الإطلاق, أكان سيتعرف عليَّ بحدس المحب, وريبة الرجولة؟

ثم, قد يكون تعرّف عليّ, وعرف من ذلك الكتاب كل شيء عن علاقتي بحياة, وهذا ليس مهماً في النهاية..

لكن, أكان على علم أنني أقيم في بيته؟ وأساكن صديقته؟ وأنني التقيت بحياة واصطحبتها إلى هذا البيت؟ وأنها كانت ترقص لي لحظة كان يحتضر؟

أيكون اختار تلك اللحظة بالذات لأن يموت فيها إمعاناً منه في التغابي؟



ما زلت غير مصدِّق أن يكون في توقيت موته مصادفة, ولا أرى سبباً لتدهور مباغت لصحته. فلا شيء عندما التقيت به قبل ذلك بيوم, يشي بأن حياته في خطر أو أنه يعاني من انتكاسة ما.

بل إنني لم أره ممازحاً ومرحاً كذلك اليوم. وأعرف خبث ذلك المرض بالذات, الذي من بعض مكره, إعطاؤك قبل أن يفتك بك, إحساساً بالتعافي. والكل من حولك سيقولون لك ذلك, لأنك فعلاً ستبدو في أحسن حالاتك.

أعرف هذا من أبي. غير أني من عمي أعرف أيضاً أن الإنسان يختار توقيت موته. وإلا كيف استطاع أن يموت في أول نوفمبر بالذات, تاريخ اندلاع الثورة الجزائرية التي كان أحد رجالها؟

وجدت تأكيداً لهذا المقال أبحاثاً قام بها متشنيكوف, وهو عالم وضع في بداية القرن العشرين نظرية في وظائف خلايا الجسم, تثبت أن الإنسان لا يموت إلا إذا أراد حقاً ذلك, وأن موته العضوي ليس سوى استجابة لمطلب نفسي ملحّ.

وإذا صدقت هذه النظرية تكون الثورة الجزائرية أودت بحياة عميّ برصاصة تأخر مفعولها القاتل أربعين سنة, وأكون أنا من أقنع زيان يومها بإطلاق رصاصة الرحمة على نفسه واشتهاء الموت حد استحضاره.



هذه الفكرة لم تكن إلا لتزيد من حزني, ولذا ما كادت فرانسواز تعود إلى البيت حتى بادرتها سائلاً عمّا إذا كانت أخبرت زيان بإقامتي عندها أم لا.

أجابت متعجبة:

- طبعاً لا..

ثم واصلت:

- ما كان لي أن أنسى ذلك بعد إلحاحك عليَّ بعدم إخباره.

تمتمت:

-شكراً!

وتنفست الصعداء. يا إلهي ما أصعب الإساءة للموتى.

واصلت فرانسواز, وهي تتعجب لأمري قائلة:

- زيّان يعرف بأنّ لي علاقات. وهو ما كان يتدخل في حياتي. هذا الأمر كان واضحاً بيننا منذ البدء.. فلماذا أنت قلق؟

كم كان سيطول الكلام, لو أنا شرحت لها أسباب قلقي. لكن في مثل هذه الحالات, كنت أكتشف كم هي غريبة عني وكم الكلام معها يأخذ بعداً عبثيّاً. هذا برغم تأثرها البالغ عندما وقع عليها الخبر حتى أنها انهارت على الأريكة باكية مرددة:

-ce n'est pas possible...Oh mon Dieu..

قبل أن تسألني وهي تستمع إلى الرسائل الهاتفية, كيف أنني لم أعرف بنداءات المستشفى.

أجبتها وقد فاجأني سؤالها, أنني كنت ذلك المساء خارج البيت. لكنها أجابت بما فاجأني أكثر, " آه صحيح.. ربما كنت يومها تتعشَّى عند مراد".

بقيت صامتاً للحظات, وأنا أستنتج من عبارتها أنها على اتصال دائم معه, وأنهما يتهاتفان كل يوم.

لم يكن الظرف مناسباً لأمعن التفكير في غدر صديق أثناء انشغالي بتفاصيل موت صديق آخر. كان جميلاً أن أتأكد من أن للموت تنوعه, فثمة موتى نواريهم التراب, وآخرون أحياء نطمرهم في وحل مخازيهم.

كنت رجلاً بإمكانه أن يتفهم خيانة زوجة. لكنه لا يغفر خيانة صديق. فخيانة الزوجة قد تكون نزوة عابرة, أما خيانة الصديق فهي غدرٌ مع سبق الإصرار.

وضعت تلك الجملة بيننا مسافة من جليد الجفاء. وقد تكون فرانسواز فسَّرت برودتي تجاهها بعد ذلك بفاجعة موت زيّان, بدون أن تعرف حجم المقبرة التي أحملها في قلبي.

اكتفيت ليلاً بضمِّها إلى صدري, وأنا أفكِّر في اقتراب ليلة سيحتلّ فيها مراد مكاني عابراً لهذا السرير.. المقيم.

....*

لأنني لم أنم. غادرت البيت باكراً صباح اليوم التالي لأقضي بعض ما تأخر من مشاغلي, نظراً لمستجدات الظرف, واستعداداً لعودة وشيكة إلى الجزائر.

عندما عدت مساءً, أخبرت فرانسواز أنني زرت مكتب الخطوط الجزائرية, وأن ثمة رحلة إلى قسنطينة بعد ثلاثة أيام. سألتها إن كان بإمكاني الاعتماد عليها في الإجراءات الإدارية وتكفّلي أنا بالأمور الأخرى. ثم واصلت بعد شيء من الصمت:

- نقل الجثمان يكلف 32 ألف فرنك.

سألتني فرانسواز:

- هل تملك هذا المبلغ؟

وجدتني أبتسم.. وأجبتها:

- لا.. اشتريت تلك اللوحة بما كان معي!

قالت بتذمر:

- يا للحماقة.. نصف ريع لوحاته ذهب إلى الجمعيات الخيرية والنصف الآخر الذي يعود إليه لا نستطيع التصرف فيه. فبحكم موته, كلّ شيء بعد الآن محجوز قانونياً ومجمَّد في انتظار حصر الورثة.

واصلت وهي تشعل سيجارة:

- ليتك ما اشتريت تلك اللوحة. إنها أغلى لوحة بيعت. أصرَّ زيّان على أن تباع لوحاته بأسعار معقولة حتى تكون في متناول الجميع. ربما وضع سعراً غالياً لها لأنها الأحب إليه.

- بل أنا من وضع سعراً لها. هو لم يطلب منّي شيئاً. أردت أن أضع فيها ما بقي في حوزتي من مال تلك الجائزة.. وأرتاح.

قالت بعد شيء من الصمت:

- ألا ترى من العجيب أن يكون زيان أراد ائماً الاحتفاظ بهذه اللوحة , وأن ثمنها يساوي تقريباً تكاليف نقل جثمانه إلى قسنطينة؟.

اقشعرَّ جسدي: يا إلهي من أين جاءت بهذه الفكرة. انتابني شعور بالذعر, كأنني بشرائي تلك اللوحة سرقت منه قبره, أو كأنني اشتريت بها قبري. ذهب تفكيري في كلّ صوب, واستعدت تطيّر حياة من الجسور.

وبدون أن أشرح لها هواجسي, وجدتني أسأل فرانسواز:

- أتعتقدين أننا ستعثر في يومين على مشترٍ لها؟

ردَّت بدون أن يبدو عليها أسف أو عجب لقراري:

- قد يكون ذلك ممكناً ما دامت معروضة. يكفي أن نرفع عنها الإشارة التي تدل أنها بيعت.. كل رواق يملك قائمة بأهم الزبائن الذين يعنيهم اقتناء لوحات هذا الفنان أو ذاك. وهو يتّصل بهم في مثل هذه الحالات.



كان بيعها كالاحتفاظ بها يحزنني. ولذا ما عدت أدري أيّ القرارين كان صائباً, خاصة أنني اشتريتها من مالي, لأنني أحببتها, ولأن لا أحد غيري يقدِّر قيمتها العاطفية.

وكان السؤال في حالة احتفظت بها: مِمَّن أستدين المبلغ لنقل جثمان زيّان, أم ناصر وهو أكثر نزاهة من أن يفيض حسابه بهذا المبلغ, أمن مراد ولا رغبة لي بعد الآن في التعامل معه, ولا أظنه سيساعدني سوى بالقليل.

كان الحل الوحيد هو الاتصال بحياة. أظنها قادرة على تأمين هذا المبلغ.وكنت سأسعد بذلك لولا أن لا مال لها سوى مال زوجها, وأن في الأمر إهانة لعمر قضاه زيان رافضاً التلوث بمال اللصوص ذوي الياقات البيض, أو الاستنجاد بدولة ليست مسؤولة سوى عن تأمين علم وطني يغطّى به جثمان مبدعيها ممّن اغتيلوا بالعشرات على أيدي الإرهابيين. فكيف أفكّر في طلب مساعدة من السفارة؟

كان رجل التورّع والترفّع, كم هيأوا له من أبواب واطئة يستدعي مروره منها انحناء كبريائه, والتنازل عن ذلك الاعتداد بالذات. ألأن قامته أصبحت الآن في انبطاح تابوت, بإمكانه أ يمرّ من باب أبى المرور منه حيَّا؟

لم يكن الأمر يتطلب الكثير من التفكير. وجدتني مؤتمناّ على رفات هذا الرجل, فلن أتصرف إلا بما يليق بما أعرفه عنه. ولا أخاله سيسعد إن أنا تسولت ثمن نقل جثمانه من الآخرين, وقد تصدَّق حيَّا بما كان سيضمن له موتاً كريماً.

هو رجل الحزن المتعالي, أليس أكرم له أن يسافر على نفقة إحدى لوحاته, على أن تنقل رفاته على حساب أحد المحسنين, أو كرماً وتصدّقاً من قراصنة الأوطان المنهوبة؟

قطعت فرانسواز تفكيري قائلة:

-إن كنت تريد أن تعرض اللوحة للبيع, عليَّ أن أخبر فوراً كارول كسباً للوقت. فأحياناً لا تتم الأمرو بسرعة, خاصّة أننا في نهايات السنة,والناس في مواسم الأعياد لا يملكون مالاً لإنفاقه في مثل هذه المشتريات عندما تكون غالية نسبياً.

أجبتها وأنا أشعل سيجارة وأذهب صوب الشرفة:

- اطلبيها..



في الصباح التالي استيقظت متعباً من ليل كله كوابيس. قد أكون تكلمت أثناء نومي أو تقلبت كثيراً. ممّا اضطر فرانسواز للنوم على أريكة الصالون.

وضعت قبلة على خدها, واعتذرت لها محرجاً.

ردت بلطف:

Ce n' est pas grave..

ثم سألتني, لماذا كنت مضطرباً إلى ذلك الحد.

أجبتها وأنا أتجه صوب المطبخ لأعد القهوة:

- كان حلماً مزعجاً.

من الأرجح أن تكون قصة اللوحة وحواري مع فرانسواز وأشياء زيّان التي قضيت البارحة في فرزها, تراكمت جميعها في لا شعوري, لتولد ذلك الحلم الذي كنت أرى فيه نفسي ما هممت باجتياز جسر من جسور قسنطينة إلا وصاح بي الناس على جانبيه ألا أفعل.

كان الناس يهرِّبون أشياءهم من بيوتهم البائسة المعلَّقة على المرتفعات, صارخين بمن لا يدري أن الأرض تنزلق وأنّ الجسور جميعها ستنهار, والجميع مذعورون لا يدرون أيّ جسر يسلكون للهروب من قسنطينة.



لأنني رجل منطقي, وجدت لهذا الحلم سبباً آخر, يعود لذلك المقال الذي قرأته عندما كنت في الجزائر ونسيته منذ ذلك الحين,وأظنه عاد اليوم ليطفو على سطح الشعور.

وكان زميل لي, أمدّني بتلك الجريدة بالفرنسية, وقال ممازحاً بلهجة أبن العاصمة " إتهلكت عليكم يا خو قسمطينة راحت. كاش نهار تقوموا تِلقاوْ رواحكم قاع تحت".

عنوان المقال كان يعلن بخطِّ كبير بالفرنسية أنّ الأرض تنزلق في قسنطينة, مسبوقاً بعنوان أصغر يسأل " ماذا تنتظر الحكومة؟"

المقال كان مرعباً في معلوماته, مؤكداً أن ظاهرة انزلاق الأرض التي تتعرض لها المدينة تتزايد, متقدمة بعدّة سنتيمترات سنوياً, وأن أكثر من مائة ألف نسمة على الأقل يعيشون داخل الخطر في المساكن التي, لفقر أصحابها الوافدين من كل صوب, بنيت كيفما اتفق على المنحدرات الصخرية, مما زاد من الأخطار التي تهدد جسر سيدي راشد الذي لم يشفع له وقوفه على 27 قوساً حجرياً.

مصير جسر القنطرة ليس أفضل, هو الذي مذ بناه الرومان يلهو بالمخاطر. وبرغم اعتباره من أعجب البناءات, ظلَّ معطلاً خمسة قرون حتى جاء صالح باي فجلب له مائة عامل من أوربا لبنائه تحت إشراف مهندس إسباني, قبل أن يهدمه الفرنسيون ويعيدون في القرن التاسع عشر بناء الجسر القائم حالياً.



ما غزا قسنطينة غازٍ, أو حكمها حاكم إلا وبنى مجده بإعادة بناء جسورها غير معترف بمن بنوها قبله! مما جعل آمال القسنطينيين معلَّقة كجسورهم, إلى ما سيقرره الخبراء الأمريكيون والكنديون واليابانيون الذين تقول الجريدة إنهم سيتشاورون حول أحسن طريقة لإنقاذ مدينة تعيش منذ 2500 سنة محصَّنة كعشّ النسر في الأعالي.. معجزة أبدعها الحجر وأفسدها البشر.

لم أحكِ شيئاً من كلّ هذا لفرانسواز. كان يكفي ما ينتظرها من كوابيس النهار.

تقاسمنا روزنامة التفاصيل المزعجة للموت, ذهبت فرانسواز لتتابع الإجراءات الإدارية, بما في ذلك المرور على المستشفى واستلام أشياء زيان, بينما ذهبت أنا لأنهي بعض ما تأخر من مشاغلي, ومراجعة الخطوط الجزائرية.



عصراً فاجأني هاتف منها. قالت بسعادة:

- حسناً أن أكون وجدتك. بيعت اللوحة. نجحت في أن أؤمّن لك المبلغ نقداً, لأنه ماكان بإمكانك أن تمرّ لاستلام المبلغ, فليس أمامك وقت على الإطلاق. لن تجدني.. كارول ستتولى الأمر.

لم أدرِ إن كانت تزفّ لي مكسباً أو خسارة. بقيت صامتاً.

قالت:

- لا تقل لي إنك نادم! نحن محظوظون. كان يمكن ألاَّ ننجح في بيعها قبل عدة أيام.

كان كلّ شيء حسم. لم أشأ أن أدخل في جدل الاحتمالات.

قلت مختصراً الحديث:

- حسناً.. أنا آتٍ.

انتابني بعد ذلك أحاسيس متناقضة وأنا في طريقي إلى الرواق. أدركت أنني سأرى تلك اللوحة لآخر مرة, بدون أن أنسى أنني,في ذلك المكان, رأيت حياة لأول مرة بعد عامين من القطيعة.

كيف لمكان أن يجمع في ظرف أيام, الذكرى الأجمل ثم الأخرى الأكثر ألماً؟

مرّة لظنك أنك استعدت فيه حبيباً, ومرة لإدراكك في ما بعد أنك فقدت فيه وطناً.



لفرط إمعاني في إغفال الحبّ, كان يأتيني متنكراً في النسيان, حين لا أتوقعه. كيف تستطيع قتل الحب مرة واحدة, دفعة واحدة, وهو ليس بينك وبين شخص واحد. إنه بينك وبين كل ما له علاقة به.

عند باب الرواق قابلني ملصق المعرض وعليه صورة إحدى لوحات زيان التي تمثل باباً عتيقاً نصف مفتوح, وقد وضع على أعلى زاويته اليسرى وشاح حداد يعلن موت الرسام. وقفت أتأمله لحظات كأني أريد أن أتأكد من صدق الحدث.



استقبلتني كارول بمودة. كانت متأثرة لموت زيان الذي عرفته منذ مجيئه إلى فرنسا. دعتني إلى مكتبها, معبّرةً عن ألمها لأنه لن يكون هنا عند انتهاء المعرض كعادته. أمدتني بالمبلغ الذي دفعته يوم اشتريت اللوحة, وقالت:

- آسفة, لم تستمتع حتى بامتلاكها لفترة.
رد مع اقتباس