الموضوع: قصة وآية
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 05-11-2017, 01:52 PM
الصورة الرمزية ايام عمري
ايام عمري غير متواجد حالياً
مديرة المنتدى
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 14,945
ايام عمري has a reputation beyond reputeايام عمري has a reputation beyond reputeايام عمري has a reputation beyond reputeايام عمري has a reputation beyond reputeايام عمري has a reputation beyond reputeايام عمري has a reputation beyond reputeايام عمري has a reputation beyond reputeايام عمري has a reputation beyond reputeايام عمري has a reputation beyond reputeايام عمري has a reputation beyond reputeايام عمري has a reputation beyond repute
Smmmms سر التواضع

في العقد الأوّل من القرن التّاسع عشر، داخل قلاّية في إسقط "كافسوكاليفيا"
في الجبل المقدّس، نسك "الأب نيوفيتوس" ومعه عشرة رهبان،
عاشوا في طاعته واثقين بإرشاده الرّوحيّ.
كانوا يُنهون أعمالهم اليوميّة في ساعة متأخّرةٍ عصرًا،
ثم يستغلّون ما تبقى من الوقت بالجلوس إلى أبيهم الرّوحيّ،
يتناقشون ويطرحون أسئلتهم، ويستفيدون من خبرة وحكمة أقواله.
في إحدى الأمسيات، بدأ الأب بالحديث: - كما تعلمون يا أولادي،
الطّاعة هي الفضيلة الأولى والأساسيّة الّتي يجب أن تتحلّى بها
نفس كلّ راهب، فعندما يقطع الرّاهب مشيئته الذّاتيّة ويطيع أباه
الرّوحيّ من دون معارضة، عندها فليثق أنّه يسير في الطّريق الصّحيح.
لم يُطع الجدّان الأولّان الله فخسرا الفردوس، أمّا نحن فبالطّاعة
والتّواضع نقرع باب الملكوت من جديد، فيفتح لنا الله -بما أنّ ابنه
قد جاء من أجلنا وأطاع حتّى الموت-.
تميّز، من بين أبناء هذا الأب، الرّاهب غفرائيل بتواضعه وطاعته.
لم يكن يجادل أباه أبدًا في أيّ أمرٍ يعطيه له. وكلّما كان الأب
يناديه: "تعال يا مبارك"، كان يركض ويجيب للحال: "ليكن مباركًا".
كان يسمع بانتباه ما يريده الأب، ويتوجّه بعدها لتنفيذ الواجبات
الّتي طلبها منه.
كانت خدمة الرّهبان في الدّير العناية بحقلٍ صغير يحوي بئرًا لسقاية
المزروعات. ولكن كانت الخنازير المتوحشّة الّتي تعيش داخل
الغابة تتلف الحقل من وقتٍ لآخر. أحدها كان كبيرًا ومتوحشًا.
فكان ينزل كلّ مساءٍ إلى الحقل، يكسر السّياج ثم ينصرف
مخلّفًا وراءه الفوضى ومتلفًا المزروعات. وكانت هذه مشكلة
حقيقية للرّهبان. صلّى "الأب نيوفيتوس" ليفهم معنى هذه التّجربة،
فلم يتأخّر الله عن الاستجابة لصلاته وكشف له الهدف من
وجود هذا الحيوان المتوحّش الّذي زرع الرّعب والخوف في
المنطقة. كان ذلك فرصةً لعمل الطّاعة. ففي أحد الأيّام، بعد
صلاةٍ حارّة، نادى "الأب نيوفيتوس" ابنَ الطّاعة وكلّمه بجديّة: -
غفرئيل، عليك أن تحرس الحقل في المساء، وعندما سيأتي
الخنزير المتوحّش عليك ربطه بحزامك وإحضاره لي.
- حسنًا، أجاب غفرائيل بتواضعٍ وذهب ليستعدّ. في ذلك المساء،
أتى الخنزير إلى الحقل جائعًا، وحالما رآه "غفرائيل" خرج
من مخبئه ووقف أمامه: - بصلوات أبي القدّيس، عليّ أن أربطك
وآخذك إليه.
وبالفعل استدرّت قوّة الطّاعة نعمة الله وحدثت العجيبة
إذ توقّف الخنزير المتوحّش في مكانه منتظرًا "غفرائيل"،
فربطه بحزامه كما أوصاه "الأب نيوفيتوس" وقاده إليه.
في تلك الأثناء كان الجميع في الدّير يصلّون. طلب الأب
من الرّهبان إطعام الخنزير وتجهيز العلف في الاسطبل،
ثم حضر إلى هناك وقال للحيوان: "عندما تجوع، تعال إلى هنا
وسنطعمك، لكن توقّف عن تدمير حقل الآباء". ومنذ ذلك الحين
لم يعد الخنزير يدمّر الحقل، وكان كلّما جاع يأتي إلى الإسطبل
حيث مكانه المخصّص، يأكل بهدوءٍ كحملٍ وديع، يُشبع جوعه
ثم يغادر. بعد هذه الحادثة، عاد الرّهبان مع الأب نيوفيتوس
إلى قلاليهم ممجّدين الله. كان الشّيطان، حتّى تلك اللحظة،
يحاول إلقاء فكر التكبّر في نفس "غفرائيل" هامسًا له أنّه
استطاع بمجهوده الخاص تنفيذ هذه المهمّة الخطيرة الّتي
أوكله إليه أبوه الرّوحيّ. - لا!، أجاب غفرائيل، إنّمّا بصلوات أبي.
بالطّريقة نفسها حاول الشّيطان مع الأب نيوفيتوس هامسًا له: -
لو لم تُصلِّ أنت، لما حصلت هذه المعجزة.
فأجاب الأب: أنا لم أفعل شيئًا، إنّها طاعة غفرئيل الّتي اجتذبت
نعمة الله وساعدتنا. لم يستطع الشّيطان تحمّل تواضع الرّاهبَين
واختفى خازيًا مرّة أخرى.
أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ وَاخْضَعُوا، لأَنَّهُمْ يَسْهَرُونَ لأَجْلِ نُفُوسِكُمْ كَأَنَّهُمْ
سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا، لِكَيْ يَفْعَلُوا ذلِكَ بِفَرَحٍ، لاَ آنِّينَ،
لأَنَّ هذَا غَيْرُ نَافِعٍ لَكُمْ.. (1عب 17:13)
__________________
رد مع اقتباس