عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 04-01-2010, 01:56 AM
الصورة الرمزية مُنتهى آلرقـه
مُنتهى آلرقـه غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: الأمآكن الي مريت إنت بيهآ .,,
المشاركات: 1,259
مُنتهى آلرقـه is on a distinguished road
افتراضي




محافظة الاسكندرية Alexandria


لم يكن القرار الذى اتخذه الإسكندر الأكبر فى عام 31 ق . م ببناء مدينة يونانية عند موقع راقودة نابعا من فكرة مثالية استهوته عند رؤيته لهذا الموقع وإنما كان فكرة امتزجت فيها المثالية بالمنفعة فى آن واحد فقد كان هذا القائد الفاتح يبحث عن عاصمة لمملكتة المصرية الجديدة تكون على اتصال بمقدونيا فكان لابد من أن تكون هذة العاصمة فى مدينة ساحلية ذات موقع جميل وجو مثالى تتوفر فيه المياه العذبة والمحاجر الجيرية فضلا عن مدخل سهل إلى النيل كما كان الإسكندر يطمح إلى نشر أفضل ما فى الثقافة الهللينية من هذا الموقع و يأمل فى تشييد عاصمة لليونان الكبرى التى تتألف من ممالك و تشمل العالم بأسرةتلك كانت صورة الإسكندر وهو ينطلق لتحقيق طموحاته
و مع أن المدينة الجديدة حملت أسم مؤسسها الذائع الصيت لم تكتسب شهرتها من نسبتها إليه وانما اكتسبت هذه الشهرة من جامعتها العريقة ومجمعها العلمى "الموسيون" ومكتبتها التى تعد أول معهد أبحاث حقيقى فى التاريخ جعل من المعرفة الإقليمية معرفة عالمية فقد أصبحت المدينة قبلة الباحثين الذين يجمعون فى نظام و مثابرة كل علوم العالم
و قد بقيت مدينة الإسكندرية قرابة ألف عام أى منذ إنشائها حتى الفتح العربى عاصمة لمصر و حين اتخذت مصر العربية من الفسطاط عاصمة بقى للإسكندرية دورها الحضارى المؤثر لا فى تاريخ مصر العام فحسب وإنما فى تاريخ حوض البحر المتوسط بعامة وساعدها موقعها المتميز فى القيام بهذا الدور وأتاحت لها إمكانيتها الاقتصادية مواصلة هذا الدور بكافية واقتدار

تم تصغير هذه الصورة ... نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بمقاسها الحقيقي علما بأن مقاسات الصورة قبل التصغير هو 740 في 445 وحجم الصورة 42 كيلو بايت

محافظة الاسكندرية
الإسكندرية هي مدينة في مصر. تعتبر العاصمة الثانية لمصر والعاصمة القديمة لها، وأكبر مدنها بعد العاصمة القاهرة. تقع على البحر المتوسط على امتداد 32 كم. و بها أكبر ميناء في مصر وهو ميناء الأسكندرية . يبلغ عدد سكانها أكثر من 3700000 نسمة. أسسها الإسكندر الأكبر 333 ق.م، فغدت مركزًا للثقافة العالمية. اشتهرت عبر التاريخ بمكتبة الإسكندرية الغنية التي أثرت الثقافة الإنسانية واشتهرت أيضا بمدرستها اللاهوتية والفلسفية. شيد البطالمة منارة الإسكندرية، و التي اعتبرت من عجائب الدنيا السبع، و ذلك لارتفاعها الهائل (حوالي 35 مترًا). ظلت هذه المنارة قائمة حتى دمرها زلزال شديد سنة 1307م. وحديثا، بُني في الإسكندرية مكتبة الإسكندرية الجديدة في العام 2001، و توجد 44 مدينة في العالم تحمل نفس الاسم الإسكندرية



احدى اللوحات الفنية الضخمة المعروضة في شوارع الاسكندرية
مثل القاهرة فالإسكندرية محافظة مدينة، أي أنها محافظة تشغل معظم مساحتها مدينة واحدة، وفي نفس الوقت مدينة كبيرة تشكل في معظمها محافظة بذاتها ، غير أنها تضم مراكز بعيدة عن وسط المدينة مثل: مدينة برج العرب و مدينة برج العرب الجديدة، وجميعها تشكل محافظة الإسكندرية




صورة قديمة لمبنى البورصة في محافظة الاسكندرية
عند بداية القرن الرابع قبل الميلاد، لم يكن هناك شئ سوى رمال بيضاء وبحر واسع وجزيرة ممتدة أمام الساحل الرئيسي تدعى فاروس، بها ميناء عتيق. وعلى الشاطئ الرئيسي قرية صغيرة تدعى راكتوس يحيط بها قرى صغيرة أخرى تنتشر كذلك ما بين البحر وبحيرة مريوط، يقول عنها علماء الآثار أنها ربما كانت تعتبر موقعا إستراتيجيا لطرد الأقوام التي قد تهجم من حين إلى آخر من الناحية الغربية لوادي النيل أو لربما كانت "راكتوس" مجرد قرية صغيرة تعتمد على الصيد ليس إلا
هذا هو وصف المكان لما هو معروف الآن بمدينة الإسكندرية التي كانت بلا منازع ولقرون طويلة مركز الفكر في العالم القديم وأشهر مدينة على البحر المتوسط وبالتحديد عند ما يعرف الآن ببلاد اليونان حيث كانت وقتها مجرد مدن إغريقية متفرقة وقوية
و في مقابل قوة الإغريق كانت هناك بلاد الفرس التي كانت تحتل ما هو معروف الآن بالعراق والشام وفلسطين ومصر. وحاولت أساطيل الفرس غزو الجزر اليونانية مما جعل ممالكهم تشعر بضرورة التوحد لمواجهة الخطر الفارسى فبرز فيليب، ملك مقدونيا خلال القرن الرابع قبل الميلاد فوحد تلك المدن اليونانية ثم قام بمحاولة عبور آسيا الصغرى (تركيا الآن) لمواجهة الفرس غير أنه توفى ليكمل المسيرة ابنه الإسكندر في عام 336 ق.م وهو ما يزال في العشرين من عمره.. فزحف ليفتح آسيا الصغرى ثم الشام ثم فلسطين إلى أن وصل إلى مصر بعد هزائم ساحقة للفرس.. وفي مصر(عام 332 ق م) استقبله المصريون بالترحاب نظراً للقسوة التي كانوا يعاملون بها تحت الاحتلال الفارسى..و بعد أن زار مدينة منف (الآن جنوب الجيزة) تم تتويجه ملكاً على مصر، قام بزيارة معبد آمون بواحة سيوة حيث أجرى الكهنة طقوس التبنى ليصبح الإسكندر ابناً للإله آمون .. وفي طريقه إلى سيوة ، أعجبته تلك الأرض الممتدة بين البحر المتوسط وبحيرة مريوط وتلك الجزيرة الممتدة أمام الشاطئ فأمر ببناء مدينة هناك لتكون نقطة وصل بين مصر واليونان
و بعد بضعة شهور، ترك الإسكندر مصر متجهاً نحو الشرق ليكمل باقى فتوحاته.. ففتح بلاد فارس (إيران) ليصبح الإسكندر هو حاكم كل بلاد فارس حيث أخذ لقب سيد آسيا ولكن طموح الملك الشاب لم يتوقف بل سار بجيشه حتى وصل إلى الهند وأواسط آسيا .. وبينما كان الإسكندر عند منطقة الخليج العربي فاجأه المرض الذي لم يدم طويلاً حيث داهمه الموت بعد عشرة أيام وهو لم يتجاوز ال32 من عمره ليتم نقل جثمانه إلى مصر ليدفن في الإسكندرية والتى لم يحالفه الحظ لرؤيتها مرة أخرى




نقوش على جدران احدى المقابر الاثرية في الاسكندرية
الإسكندرية فى عهد البطالمة
العاصمة
اتخذ البطالمة الإسكندرية عاصمة لملكهم حيث موقع الإسكندرية الفريد على البحر المتوسط وإنها اقرب موقع لساحات القتال الذي كان من الممكن أن ينشب في اى لحظة بين القوى المتصارعة في المنطقة
وقد اتخذ البطالمة مدينة الإسكندرية مركزا لنشر عقيدة الإله المصري سرابيس في كافة أرجاء المنطقة ونجحوا فى مهمتهم إلى حد كبير .
الميناء
أصبحت الإسكندرية الميناء المصرية الأولى في المياه العميقة حيث أنها تقع على البحر مباشرة وأصبحت نقطة الالتقاء والعبور لطرق التجارة التي تصل مصر بالمناطق التي تتعامل معها، والمركز الأول للمعاملات التجارية المصرية استيرادا وتصديرا
وقد اتجهت مصر إلى استيراد خشب الأرز من شمال البلقان وبلاد الشام لصناعة السفن ،وقد استورد البطالمة الذهب من اسبانيا والهند واستوردوا الفضة من اسبانيا وبلاد اليونان والحديد من جزر بحر ايجة ومن أرمينيا ومداخل البحر الأسود والرخام من الجزر اليونانية والمنسوجات الحريرية من فينيقيا
وكانت مصر تستورد بعض المواد الأولية لتصنيع قسماً منها ثم تصدره إلى الغرب مثل الأحجار النفيسة والعاج وريش النعام . إلى جانب صادراتها مثل الزيت والقمح وورق البردى والمصنوعات الزجاجية التى كانت تمثل أنتاجاً مصرياً من الأساس
مركز العلم والثقافة
أنشئ في الإسكندرية في العهد البطلمي مؤسستان هامتان وذلك بين عامي 288 و280 ق. م وهاتان المؤسستان هما
جامعة الإسكندرية أو الموسيون (دار ربات الحكمة ) وكان القائمون على الدراسة في هذه الجامعة يمثلون صفوة المجتمع من أهل العلم و الفكر والأدب في جميع أنحاء العالم حيث كان البطالمة يستقدمونهم من كل بقاع العالم
المكتبة الكبرى : ضمت المكتبة عدد كبير من المجلدات أو اللفائف المكتوبة التي بلغت نحو سبعمائة ألف لفافة أضافت إليها كليوباترا السابعة نحو مائتي ألف لفافة أخرى .
المجتمع
أراد البطالمة أن يدعموا حكمهم بأكبر قدر من الكفاءات الممكنة ففتحوا باب الهجرة إلى مصر والإسكندرية على مصراعيه أمام اليونانيون لكي يعملوا في كافة المجالات
وكان من أهم عناصر التكوين السكاني لمدينة الإسكندرية وأكبرهم عددا ثلاثة هم: المصريون واليونانيين واليهود وكان المصريون هم أصحاب العدد الأكبر بين هذه العناصر وان لم تكن الحقوق التي يتمتع بها المواطن السكندري من اليونانيين حيث كان العنصر اليوناني يمثل من الناحية الرسمية اعلي السلم الاجتماعي أما العنصر اليهودي لم يتمتعوا بحق المواطنة شأنهم في ذلك شأن المصريين
التنظيم السياسي
كانت الاسكندريه في هذا العهد ذات صفين سياسيين
كانت عاصمة لدولة تسير على نظام الحكم المركزي المتبع في عصر الفراعنة
إدخال مقومات مقدونية ويونانية في التنظيم السياسي للمدينة إلى جانب الحكم المركزي احدهما اسمه المقدونيون والآخر السكندريون .
وكان النظام يفترض أن يجمع بين النظامين المركزي والشعبي ولكن ظروف الصراع الدولي دفعت البطالمة دفعا إلى تغليب المقوم المركزي على المقوم الشعبي في النظام السكندري فظلت اوجه النشاط الأساسية مثل السياسة الخارجية والإقتصادية والمسائل المتعلقة بالأمن والسياسة العلمية والثقافية بقيت فى يد الحكومة المركزية وبقى للمجالس الشعبية التصرف فى حدود الإدارة المحلية الصرفه
ونجد أن مجلس المقدونيين ومجلس السكندريين لم يكونا المجلسين الوحيدين اللذين عرفتهما مدينة الإسكندرية فقد كان هناك مجلس آخر هو مجلس الشورى



تمثال من احد المزارات الاثرية في الاسكندرية
الإسكندرية في العصر الروماني
إن الفاتح الجديد الإمبراطور اوغسطس (30 ق م - 13 ق م ) عند دخوله المدينة لأول مرة سلك مسلكا حكيما وسياسة عملية رشيدة إذ اصدر عفوا شاملاً عن السكندريين والمصريين فلم ينتقم من احد ولم يطلق جنوده للنهب والسلب كما كانت العادة قديما عند فتح مدينة معادية غصبا
نظام المدينة
لم يسمح الإمبراطور اوغسطس بقيام مجلس الشورى الذي كان معمولاً به في العصر البطلمي بل قال ( أن يدير السكندريين شئون مدينتهم دون أن يكون لهم مجلس شورى
أما هيئة الموظفين من حكام المدينة (اى السلطة التنفيذية) بقيت كما كانت في العصر البطلمي وزادت كثيرا في العصر الروماني وكانت هذه المناصب دون اجر وكان توليها يعتبر شرفا عظيما يتسابق إليه المواطنين وكان يشترط فيمن يرشح لتولى هذه المناصب أن يكون من ذوى الثراء حتى يمكنه الإنفاق على وظيفته
الإسكندرية في ظل السياسة الرومانية
إن السيادة الرومانية التي فرضها اوغسطس على مصر سلبت الإسكندرية سيادتها وأهميتها السياسة ولم يرض السكندريون أصلا عن وضعهم الجديد إلا أنهم كانوا غير قادرين على الثورة ضد الحكم الروماني مباشرة وعلانية
وقد لجأ السكندريون إلى وسيلتين للتنفيس عن غضبهم المكبوت الأولى: إطلاق النكات والسخرية من الحاكمين
الثانية: إفراغ غضبهم على الفئة التي تناصر الحاكم و التي تتمتع بعطفه ومحبته
وفى نهاية القرن الثاني بدأ الصراع السياسي يشتد من جديد في روما وبدأت الإسكندرية تعلن عن سخطها على الإمبراطور الروماني بمؤازرة الثائرين عليه ،وكانت آخر ثورة اشترك فيها السكندريون ضد الإمبراطور تلك التي قام بها أحد الضباط الرومان في المدينة ضد دقليانوس مما اضطر دقليانوس إلى الحضور إلى الإسكندرية بشخصه لإخماد الثورة مما أصاب المدينة كثير من الأذى
الحياة الاجتماعية
الإسكندريه كما أنشأها الاٍسكندر وتعهدها البطالمة والرومان كانت مدينة يونانية أصلا وكانت جماعة المواطنين من العنصر اليوناني أساسا ثم من الأفراد الذين يتفوقون ويطمحون إلى الانضمام إلى جماعة المواطنين وتسمح لهم الهيئات المسئولة بالانضمام
وفى عهد الرومان كان الأفراد من غير المواطنين يحصلون على مواطنة الإسكندرية عن طريق منحة من الإمبراطور
وقد ظل السكندريون يكونون طبقة ممتازة في مصر أثناء العهد الروماني في حين أن الجالية المصرية اكبر جالية بين سكان الإسكندرية من حيث الطبقة العددية حيث توافد سكان القرى إلى الإسكندرية هرباً من الضرائب الباهظة المفروضة عليهم
الحياة الدينية
استمر الثالوث السكندري المكون من سرابيس وايزيس وحور وإلى جانب هذا الثالوث الرسمي حلت في الإسكندرية عبادة الأباطرة الرومان محل عبادة البطالمة حيث كان الأباطرة يعبدون هولاء الأشخاص ليس على أنهم آلهة وإنما على أنهم أشخاص مقدسة وبقيت هذه العبادة عباده رسميه تمارس في المناسبات العامة دون أن يكون لها طابع شخصي في البيوت ، كما اختلطت الأديان وامتزجت في ظل الإمبراطورية اليونانية
الحياة الاقتصادية
إذ كان البطالمة قد اخذوا بسياسة التخطيط العام واحتكار الدولة لمعظم أوجه النشاط الاقتصادي فقد مال الرومان نحو السياسة العكسية وهى الأخذ بمبدأ الاقتصاد الحر في كثير من المجالات من اجل إنعاش البلاد اقتصادياً
ومن الجدير بالذكر أن السكندريين قد انتعشت حالتهم الاقتصادية كثيرا من وراء التجارة الخارجية وحولوا جزء من ثروتهم إلى ملكية الاراضى الزراعية ،وفى ظل هذه الظروف نشأت الاقطاعات الكبيرة التي عرفت باٍسم الوسية في حياة مصر الزراعية أثناء القرن الأول من الحكم الروماني
وفى مجال الحياة الصناعية والتجارية كانت الإسكندرية تعتبر اكبر مركز للصناعة والتجارة ليس في مصر وحدها ولكن في الإمبراطورية الرومانية كلها
وقد انتشرت صناعة الزجاج وصناعة أوراق البردى وصناعة النسيج بالإضافة إلى بعض الصناعات الصغيرة مثل صناعات الحلى والعطور والصناعات الدقيقة من أعمال الصاج وغيره وكانت تستورد خاماته من أفريقيا واسيا وتصنع فى الإسكندرية
وقد استخدم السكندريون اساطيلهم البحرية فى البحرين الأبيض والأحمر ففى البحر الأبيض المتوسط كان لهم أول اسطول تجارى أما فى البحر الأحمر فقد احتكرت الإسكندرية التجارة الشرقية التى وصلت إلى الهند احتكاراً تاماً
الحياة الثقافية
أحتضن الرومان المؤسسات الثقافية والعلم في الإسكندرية بعد الفتح فبقيت المكتبة ودار الحكمة تلقيان التشجيع من الأباطرة وتبذل لعلمائها العطاءات والامتيازات المختلفة كإعفاء من الضرائب ووجد إلى جانب دار الحكمة والمكتبة مدارس وقاعات للمحاضرات يقصدها الطلاب من الإسكندرية وخارجها
ومن أشهر علماء هذه الفترة بطليموس الجغرافي ويعتبر قمة في علم الجغرافيا القديمة وكان رياضياً وفلكياً وعالماً طبيعياً وعمل خريطة للعالم ووضع عليها الأماكن في كل بلد بنسبة أبعادها صحيحة



مدينة سموحة في محافظة الاسكندرية عام 1930
الإسكندرية والمسيحية
ولد السيد المسيح زمن الإمبراطور الروماني أوغسطس فى بيت لحم بفلسطين وبدأت المسيحية متواضعة بين رسله وتلاميذه الذين اخلصوا له وتعهدوا تعاليمه
وتشير الروايات إلى أنهم كانوا في البداية مائه وعشرون ثم أصبحوا خمسمائة ثم زادوا إلى نحو ثلاثة آلاف ثم إلى خمسة آلاف في الفترة ما بين 35 ، 37 بعد الميلاد ومن ثم بلغ عددهم فى روما وحدها نحو خمسين ألفاً ثم أصبحت كنيسة روما التي أسسها بطرس أول كنائس المسيحية وأكثرها شهرة
ارتبط تاريخ المسيحية فى الفترة الأولى بثلاث شخصيات كان لها دور كبير فى تقدمها وانتشارها وإرساء أسسها وتنظيم لاهونها وهم : بولس وبطرس ومرقص
بدأ بولس التبشير بالمسيحية بين يهود دمشق ثم ذهب إلى إنطاكية وقام برحلات إلى قبرص وإلى أسيا الصغرى وعلى طول الساحل الشامي فى صور وعكا وقيصرية وداخل فلسطين فى بيت المقدس فيما بين 45 و 58 ميلادياً
أما ثانى الشخصيات المسيحية الهامة فهو بطرس توجه إلى إنطاكية سنة 45 م على الأرجح
أما ثالث الشخصيات المسيحية الهامة فهو مرقس الأنجيلى فقد أسس كنيسة الإسكندرية وسافر إلى روما أيضاً ولكنه عاد مباشراً إلى الإسكندرية للتبشير فيها بين اليهود فنزل بحي اليهود بالإسكندرية فكان أول من بشر بالإنجيل فى مصر وقد لقي حتفه سنة 62 م أو سنة 68 م فى بعض الروايات
دخلت المسيحية الإسكندرية ومصر ( مصر الوسطى ) ثم انتشرت فى الوجه القبلي فى أواخر القرن الثانى الميلادي
الإضطهادات الدينية للمسيحيين فى الإسكندرية
على اثر ما جرى فى روما فى عصر نيرون من اضطهاد وقتل وتعذيب للمسيحيين راح ضحيته الرسولان بولس وبطرس هجم الوثنيون فى الإسكندرية على كنيسة للمسيحيين بشرق المدينة سنة 68 م فقتلوا القديس مرقس وتتكرر الاضطهاد قرب أواخر القرن الأول الميلادي سنة 98 م على عهد الإمبراطور تراجان وجرى التنكيل بالمسيحي نفى الإسكندرية قبل بقية الأنحاء
وفى عهد الإمبراطور سبتموس سفروس فى أوائل القرن الثالث الميلادي تصاعدت الإضطهادات حتى إن كثير من المسيحيين من سائر الجهات فى مصر أرسلوا إلى الإسكندرية ليحاكموا فيها . ثم لاحق الإمبراطور فاليريان ( 253 – 260 م ) زعماء المسيحيين والكهنة فحرم على المسيحيين الاجتماع فى دور العبادة وتعرض عدد كبير من المسيحيين والكهنة للموت بالاختناق فى أحد السراديب حيث كانوا يتعبدون وأعدم فى الإسكندرية عدد كبير من رجال الدين ومن عامة المسيحيين
وفى عهد الإمبراطور دقلديانوس (284 – 305 م ) كانت أسوأ الإضطهادات الدينية حيث طرد المسيحيين من البلاط ومن صفوف الجيش ونفيهم إلى جهات نائية وحرمانهم من حقوق المواطنة وحرق كتبهم المقدسة وهد كنائسهم ثم أعقب ذلك بالعقوبات البدنية ثم أتبع ذلك بحركة قتل وتنكيل سنة 304 م فأحدث مذابح بشرية رهيبة جرى فيها إعدام كثير من المسيحي نفى مصر والإسكندرية بالذات حتى أطلق على عهد هذا الإمبراطور ( عصر الشهداء ) واتخذت الكنيسة القبطية بدء تقويمها بسنة ولاية هذا الإمبراطور 284 م وسمى التقويم بتقويم الشهداء إلا أن هذه الإضطهادات الدينية جاءت بنتيجة عكسية وكانت عاملاً من عوامل انتشار المسيحية لأن بطولة هؤلاء الشهداء جذبت انتباه كثير من الوثنيين وأثارت اهتمامهم بالعقيدة الجديدة فما لبثوا أن دخلوا فيها فانتشرت المسيحية وسادت فى الإسكندرية وجهات أخرى من مصر
اعتراف قسطنطين الكبير بالمسيحية
أصدر قسطنطين مرسوم التسامح الديني أو مرسوم ميلان سنة 313 الذى أعترف فيه بالمسيحية كإحدى الديانات المصرح اعتناقها وممارسة شعائرها فى الإمبراطورية
كنيسة الإسكندرية
أسس القديس مرقس كنيسة الإسكندرية ودفع حياته ثمناً لإخلاصه لها إذ جره الوثنين في شوارع الإسكندرية حتى فرقوا لحمه سنة 62 م أو سنه 68 م في بعض الروايات
استخدمت كنيسة الإسكندرية فى القرن الأول الميلادي اللغة اليونانية فى طقوسها وشعائرها وتعاليمها وتبشيرها وأنشئت المدرسة اللاهوتية المسيحية فى الإسكندرية
وفى الفترة التى تلت عصر الرسل أخذت الكنيسة فى النمو وأزداد عدد المسيحيين وأقبل الوثنيون على اعتناق المسيحية وأنشأ رجال كنيسة الإسكندرية المدرسة التبشيرية بالإسكندرية تولى رئاستها كلمنت إسكندرية ثم اوريجين واعتبر أشهر شخصية مسيحية فى تاريخ كنيسة الإسكندرية لجرأته وتعمقه فى أصول المسيحية فضلاً عن ورعه وتقواه
وتقلد أسقفية الإسكندرية عدد من الأساقفة البارزين أهمهم بطرس الذى ولى الأسقفية عام 300 م وكان من أكفء علماء الدين المسيحي فى مصر وأكثرهم شهرة
الإسكندرية والرهبانية والديرية
الرهبانية تعنى أن يحيا الفرد حياة منعزلة تماماً بعيداً عن العمران للانقطاع للعبادة وممارسة حياة الزهد والتنسك مع اختيار التفرد طوعاً أما الديرية فيقصد بها التقاء جماعات من الرهبان بعيداً عن العمران ينقطعون للعبادة وحياة الزهد والتقشف مع تحقيق مطالبهم الضرورية فى الحياة والدير هو المكان المخصص لسكن الرهبان أو الراهبات وتعبدهم
ترجع بدايات الرهبنة فى مصر إلى القرن الثاني والثالث الميلادي حيث عاش كلاً من الأنبا بولا أو بولس والقديس أنطوان ( انطونيوس ) الذين اعتبرا أقدم من عرف من المتنسكين المسيحين لا فى مصر وحدها بل فى الدنيا بأسرها
وتقوم فلسفة الرهبان المنفردين أو المنعزلين على أساس اختيار حياة حياة يذل فيها الجسد لتسمو الروح وكانوا يصومون أياماً طويلة ويلبسون الخشن من الثياب من جلود الحيوانات بحيث تلامس الأجزاء الخشنة أحسادهم لتعذيب الجسد حتى تسمو الروح . وتطورت الرهبنة المسيحية إلى نظم الديرية التي جاء بها القديس باخوم المصري حيث أنشئ النظام الديرى " نظام الرهبنة الاجتماعية " حيث يجتمع بعض الرهبان للتعبد وممارسة حياة الزهد والتنسك ومواجهة الصعاب فى الصحارى وتأدية الأعمال اليدوية فى الحقول وفى الصناعات أو فى الحرف اليدوية وفى نسخ الكتب وتعليم أطفال الجهات المجاورة



صورة قديمة للمصطافين في شاطئ ستانلي في محافظة الاسكندرية
الإسكندرية فى العصر الإسلامى
عندما فتح العرب مدينة الإسكندرية الفتح الأول فى مستهل المحرم سنة 21 هـ بهرهم ما عاينوه من جمال العمارة وروعة التخطيط واتساع العمران
أحتفظت الإسكندرية بعد فتح العرب لمصر بتخطيطها اليونانى الذى يتميز بتقسيم الرقعة العمرانية للمدينة إلى شوارع مستقيمة منتظمة طولاً وتتقاطع مع شوارع تمتد عرضا فى زوايا قائمة بما يشبه رقعة الشطرنج وكان تخطيط الإسكندرية يتخذ شكل شريط عمرانى يمتد طولاً مع امتداد الساحل وتتخله شبكة من الطرق المستقيمة المرصوفة بالبازلت الملون وكان الشارع الطولى الرئيسى يعرف بالشارع الكانوبى ( أبو قير حالياً ) وكان يسمى فى العصر الإسلامى بالمحجة العظمى وكان يزدان على جانبيه بالأعمدة والتماثيل وتتخله أقواس النصر وكان يتعامد معه فى وسطه شارع كان يعرف باسم السيما يبدأ من الباب الشمالى ( باب البحر ) وينتهى جنوباً بباب العمود ( باب سدرة وباب البهار ) والأبنية المحدثة التى أحدثها العرب المساجد التى أقامها الفاتحون عقب الفتح كالجامع الغربى ( جامع الألف عامود ) الذى اقامه عمرو بن العاص ومسجد موسى علية السلام وكان يقع قرب المنار .غير أن تخطيط الإسكندرية تأثر بظروف غير مواتية ترتب عليها انكماش رقعتها المعمورة منها نقص عدد سكانها بعد الفتح العربى الأول سنة 21 هـ والفتح الثانى سنة 25 هـ ومنها هدم قطاعات من سور الإسكندرية بأبراجه وقلاعه عند الفتح الثانى له مما أدى إلى تراجع النطاق العمرانى إلى الداخل ومنها انقطاع مياه النيل فى خليج الإسكندرية لكثرة الرواسب الطينية والرملية واعتماد أهل المدينة على الآبار والصهاريج
ثم شهدت الإسكندرية فى عهد الدولة الطولونية عهداً جديداً بدأت تنتعش فيه الحياة العلمية والاقتصادية بعد عهود الأضمحلال استغرقت القرنين الأولين من الهجرة نتيجة طبيعية لتقلص المناطق المعمورة بسبب تخريب جوانب من اسوارها الشرقية والجنوبية لما سببته ثورات بنى مدلج بها
ويرجع الفضل للنهوض بالإسكندرية من عثرتها إلى أحمد بن طولون الذى طوق المناطق المأهولة بالسكان بسور
وفى العصر الفاطمى لم يتغير تخطيط الإسكندرية كثيراً عنه فى العصر الطولونى واتسع العمران من جهة الجنوب والشرق وكان ذلك مقدمة لازدهارها فى العصر المملوكى الأول نتيجة انتعاش الحياة الإقتصادية واقيمت القصور والمتنزهات . وحافظت الإسكندرية على النظام التخطيطى العام لشوارعها الرئيسية فى العصر الأيوبى واستجدت احياء كحى العطارين ودروب وحارات وأزقة ،كما بنيت العديد من الفناتدق للتيسير على التجار الغرباء المبيت وبيع سلعهم واقيمت العديد من الأسواق مثل سوق العطارين ووكالة الكتان وسوق الخشابين وسوق السلاح وسوق الشماعين وسوق الصاغة واتسعت رقعة الإسكندرية العمرانية فى عصر دولتى المماليك
تاريخ المدينة من الفتح العربى إلى العصر الفاطمى
مقدمة
كانت الإسكندرية قبل الفتح العربى عاصمة لمصر وكذلك العاصمة الثقافية والحضارية للعالم وكانت مركز الإشعاع العلمى والفلسفى التى تجذب جامعتها ومعاهدها طلاب المعرفة والبحث عن الحقيقة فى كل مكان
ودخلت مصر فى حوزة العرب والإسلام حوالى منتصف القرن السابع الميلادى ولم تعد الإسكندرية عاصمة لمصر وحلت مكانها الفسطاط وكان من الطبيعى أن تفقد الإسكندرية بعض أهميتها القديمة نتيجه لاتجاه مصر نحو العالم العربى وانفصالها عن العالم الرومانى
أصبحت الإسكندرية ثغراً أى جبهة دفاع بحرية وحداً فاصلاً مع العدو البحرى الرومىوظلت صفة الثغر لاصقة بالإسكندرية حتى العصر الحديث ،ولكن أهمية الإسكندرية لا تكمن فى كونها ثغراً أو جبهة قتال بحرية فى العصر الإسلامى فبفضل موقعها ومرساها الكبير ظلت أهم محطة بحرية فى شرق المتوسط تمر بها متاجر الشرق والغرب ،وإلى جانب الإزدهار الاقتصادى عرفت الإسكندرية الإسلامية العمران الكبير فأقيمت بها المساجد الجامعة والمدارس المعروفة والأضرحة المشهورة . وما زالت الإسكندرية تفتخر إلى اليوم بالكثير من مشاهير شيوخها وعلمائها من الزهاد والصالحين
فتح العرب بالإسكندرية
تميز فتح مصر بالسهولة فبعد أن استطاع القائد عمرو بن العاص فتح حصن بابليون لم يبق أمامه إلا الإسكندرية فسار إليها وقدم له أهل مصر ( القبط ) المعونة وأصبحوا أشبه بالقوات المساعدة للعرب ودخل العرب الإسكندرية فى أواخر عام 20 هـ وأوائل 21 هـ ( أواخر سنة 641 م
وصف الإسكندرية التى رأها العرب
وصف مؤرخ مصر ابن عبد الحكم مدينة الإسكندرية عند دخول العرب انها كانت تتكون من ثلاثة أحياء على كل حى منها سور وهناك سور على الثلاثة أحياء يسمى سور المدينة هذه الأحياء هى : حى المصريين وحى الروم وحى اليهود .
وكانت هناك صهاريج كانت تملأ من الترعة العذبة فى أوقات الفيضان ومازالت بعض هذه الصهاريج موجودة حتى اليوم ، كما وجدت أسواق مقنطرة بها أسقف بوائك ) مبنية على عقود وأقواس تحملها الأعمدة الجميلة
واشهر معالم الإسكندرية هو المنار أحد عجائب الدنيا السبع وتتمثل بقايا قاعدته المربعة فى قلعة قايتباى الحالية بحى الأنفوشى ، ويأتى بعد المنار عامود السوارى ويوصف بأنه اسطوانة عظيمة لم يسمع بمثلها
وكان من أهم معالم الإسكندرية كنيستان من أعظم كنائس الروم أولاهما هى كنيسة القديس مرقص ( المرقصية ) والأخرى هى الكنيسة القيصريون التى كان لها مسلتان قديمتان فى فنائها وهما اللتان نقلتا إلى نيويورك ولندن وباسمهما يعرف حالياً حى وشارع المسلة
الإسكندرية عقب الفتح العربى
يقال أن عمرو بن العاص اراد أن يتخذ الإسكندرية عاصمة للبلاد كما كانت ولكن الخليفة عمربن الخطاب رفض عندما علم أن النيل يحول وقت الفيضان بينها وبين بلاد العرب وقد خرج من الإسكندرية الميسورين من الروم ومعهم أموالهم وامتعتهم مما أدى إلى كساد التجارة ومعاناة من كان قد بقى فى المدينة من الروم أما عن أهل البلاد فقد تحسنت ظروفهم الإجتماعية وأحوالهم الشخصية
ولم يستمر الاستقرار بالإسكندرية إلا لمدة 4 سنوات عاد بعدها الروم إليها من جديد فى حملة بحرية كبرى واستولى الروم على الإسكندرية وخرجوا إلى الفسطاط وتم اللقاء بين عمرو وبين الروم عند بلدة نقيوس على ضفة النيل بالقرب من مدينة منوفوقامت معركة برية نهرية عنيفة انجلت عن انكسار الروم وفرارهم نحو الإسكندرية واستطاع عمرو من قتل الروم ولما طلب بعضهم الرحمة أمر عمرو برفع السيف عنهم وفى الموضع الذى أعلنوا فيه الأمان أمر بإقامة مسجد عرف بمسجد الرحمة نسبة إلى رأفة عمرو بأعدائه المغلوبين.
المساجد الأولى والربط وبداية التعريب
فى أقل من خمسين سنة كان مسجد عمرو بن العاص أحد مساجد خمسة فى الإسكندرية عرفت بقداستها ومكانتها فى قلوب أهل البلاد وهى : مسجد موسى النبى ، مسجد سليمان عليه السلام ومسجد دى القرنين ومسجد الخضر عليهما السلام ومسجد عمرو بن العاص الكبير وما زال مسجد النبى دانيال بالشارع الذى يحمل اسمه بالإسكندرية يعيد إلى الأذهان ذكرى هذه المساجد القديمة
الإسكندرية على أيام الأمويين
اهتم معاوية خليفة دمشق بأمور البحر والأسطول واخذت الإسكندرية تستقبل العرب من الشام والحجاز فزاد تعريبها بكثرة العرب فيها الأمر الذى يفسر عودة العمران وزيادة المساجد
وبنى والى الفسطاط عتبة بن أبى سفيان أخو الخليفة دار إمارة له فى الإسكندرية وبذلك أصبحت الإسكندرية مقراً للوالى أى أنها أصبحت عاصمة ثانية للبلاد



صورة قديمة لشاطئ ستانلي في الاسكندرية
الإسكندرية أيام العباسيين
لم تغير مصر من طبيعة علاقاتها بالخلافة على أيام العباسيين إذ صارت ولاية تابعة لبغداد بعد أن كانت تابعة لدمشق وهذا استتبعه أن أحوال الإسكندرية لم تغير من طبيعتها هى الأخرى
وعندما ولى الخلافة أبو جعفر المنصور اهتم جدياً بأفريقيا وسير محمد بن الأشعث والى مصر جيشاً لقتال خوارج طرابلس من الخوارج الإباضية بقيادة أبى الخطاب عبد الأعلى المعافرى فأنهزم واضطر ابن الأشعث إلى الخروج بنفسه إلى الفسطاط فى اواخر سنة 142 هـ / مارس 760 م واتجه بعدها إلى الإسكندرية وهو فى طريقه إلى المغرب وهذا يعنى أن الإسكندرية اصبحت قاعدة العمليات العسكرية فى المغرب إلا أن موقعها الفريد على حافة الوادى متأخمة للمغرب جعلها ملتقى الشرق والغرب
إمارة أندلسية بالإسكندرية
وسرى الاضطراب إلى العاصمة الفسطاط إذ ثار الجند وأعادوا عبد الملك الخزاعى الذى كان قد عزله المأمون إلى الولاية فى سنة 199 هـ 814 م وظلت أحوال الإسكندرية على ما هى عليه من القلق رغم تغير الولاة عليها واتت ظروف جديدة زادت فى تعقيد المواقف بالإسكندرية حتى أنقطعت صلتها بالفسطاط لمدة تجاوزت العشر سنوات وتدخلت فى أمور الثغر مراكب تحمل مهاجرين ورواد بحر من غزاة عرب الأندلس وقد اتخذوا الإسكندرية قاعدة مساعدة لعملياتهم فى شرق المتوسط .ونتيجة لأعمال الاضطراب والشغب فى المدينة أن قامت جماعة سمت نفسها بالصوفية وقاموا بتنظيم صفوفهم بالإسكندرية تحت رئاسة أحدهم وهو عبد الرحمن الصوفى وأعلنوا معارضتهم للوالى ووجدوا فى الأندلسيين خلفاء طبيعيين لهم واجتذب الصوفية والأندلسيون إلى جانب العرب اللخميين بالإسكندرية الذين كانت لهم أطماع فى الإسكندرية وجمع المتحالفون صفوفهم وبلغ عددهم 10.000 رجل إلى جانب من انضم إليهم من المغامرين وصار الجميع إلى قصر عمر بن هلال الحديجى وحاصروه فى سنة 200 هـ / يونيو 816 م وقتلوا عمر بن هلال ومن كانوا معه فى القصر .وقد انفرط الحلف سريعاً بين العرب اللخميين والأندلسيين وقانت الحرب بينهم فى التو واللحظة وانتهت بانتصارغزاة البحر الأندلسيين فاستولوا على الإسكندرية فى نفس العام وأسند الأندلسيون ولاية الإسكندرية إلى أبو عبد الرحمن الصوفى الذى فشل فى الحكم والإدارة حتى عم الفساد فى المدينة وعندئذ رأى الأندلسيون عزله وأخذوا على عاتقهم الحكم مباشرة ونجحوا فى السيطرة على كل منطقة الإسكندرية . يرجع إضطراب الأحوال فى الفسطاط إلى فتنة الخلافة العباسية بين الأمين والمأمون وقد بدأت طلائع الجند العباسى من الخراسانية تتجه نحو الإسكندرية عام 212 هـ / مايو 827 م وضرب حصار حول المدينة وأخرج الأندلسيون من الإسكندرية
ظلت القلاقل فى المحافظة الشرقية وفى شمال الدلتا والإسكندرية وحضر المعتصم ( ابن الرشيد ) فى رجب سنة 214 هـ / سبتمبر سنة 829 م وبصحبته عسكره التركى الجديد وفى السنة التالية قدم قائد الخلافة ( الأفشين ) للقضاء على الثورة التى عمت الدلتا وكذلك الإسكندرية وهكذا صار الأفشين إلى الإسكندرية وأدب من وقف فى طريقه من الثوار ودخل المدينة دون قتال فى 19 ذى الحجة سنة 216 / 28 يناير سنة 832 م
وقد بدأ منذ أيام المعتصم وفود الترك على مصر فى شكل جند وعمال وولاة الأمر الذى كان يضعف من شأن العرب الذين أسقطوا من دواووين الجيش عام 218 هـ / 833 م واتبع ذلك أن شغل الفرس والترك المناصب الكبرى من: الولاية إلى الشرطة .وابتداء من سنة 242 هـ / 856 م لم يتول مصر والى عربى وفى سنة 252 هـ / 666 م اضطربت منطقة الإسكندرية بقيادة جابر بن الوليد المدلجى الذى نجح فى هزيمة قوات الوالى يزيد بن عبد الله التركى كما هزم قوات نائبة فى الإسكندرية وانضم إليه من أهل النواحى المجاورة من : الشطار والفتاك من مسلمين ونصارى والبيض والسود والسنة والشيعة على حد سواء .وإزاء خطورة الأمر فى الإسكندرية وضواحيها أرسلت الخلافة من العراق إلى مصر القائد التركى مزاحم بن خاقان الذى نجح فى القضاء على أعوان جابر الواحد بعد الآخر الذى أدى إلى ضعفه وانهزامه وهرب إلأى الجيزة والفيوم وسجن إلى أن بعث إلى العراق سنة 254 هـ / 868 م .وكان ذلك تمهيداً لعصور الإستقلال التى افتتحها أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية
بداية عصور الإستقلال
ببداية الدولة الطولونية تبدأ مصر عهداً جديداً هو عهد الإستقلال الذى جعل للبلاد كيانها الخاص وشخصياتها الذاتية وأصبحت همة الأمير تنصرف إلى أحوال البلاد وتحسين قواها الاقتصادية والعسكرية
وكانت الإسكندرية موضع اهتمام أحمد بن طولون الذى زارها بنفسه فى شعبان سنة 259 هـ / 873 م وعهد بها إلى ابنه العباس بمعنى انها ظلت العاصمة الثانية من حيث كونها مدينة ولى العهد
وقد سار أحمد بن طولون فى جيش كثيف إلى الإسكندرية حين عصاه ابنه العباس وأقام بها سنة 268 هـ / سنة 881 م لإدارة العمليات العسكرية ضد العباس بدقة
وقد حظيت الإسكندرية برعاية أخمد بن طولون أثناء اقامته بها فجدد أسوارها وأقام ما كان قد تهدم منها واعتنى بالساحل وحصنه ورمم منار الإسكندرية كما أمر بحفر خليج الإسكندرية الذى كان قد طمر وقد اهتم ومن بعده ابنه خمارويه بالبحرية والأسطول .وعندما استرجع العباسيون مصر من الطولونيين عهد عيسى النوشرى " أول والى عباسى جديد " بولاية الإسكندرية إلى على بن وهسودان وجعل له معاوناً فى عمله هو المهاجر بن طليق سنة 292 هـ / 904 – 905 م ومنذ ولاية أبومنصور تكين ( شعبان 297 / إبريل 910 م ) على عهد الخليفة المقتدر بدأ الخطر الفاطمى فى المغرب يهدد مصر والإسكندرية . وفى سنة 302 هـ / 914 م وطأت أقدام الجند الفاطميون الإسكندرية لأول مرة بقيادة حباسة بن يوسف وقد خرج حباسة من الإسكندرية نحو الفسطاط حيث أنهزم أمام قوات تكين
وقد دخلت القوات الفاطمية إلى الإسكندرية فى 8 صفر سنة 907 هـ / يوليو 919 م . وبعد وصول القوات الفاطمية البرية إلى الإسكندرية وصلت القوات البحرية إليها بقيادة سليمان الخادم . وارسلت الخلافة العباسية قائد قوات طرسوس من الشام ، وهو ثمل الخادم على رأس مراكبه لقتال الأسطول الفاطمى وتم لقاء الأسطولين فى رشيد سنة 307 هـ / 919 م وانتهت المعركة إلى غير صالح الأسطول الفاطمى الذى ثارت به ريح عاصفة كسرت الكثير من وحداته كما أسر قائد الأسطول الفاطمى ورؤساء مراكبه وسيقوا إلى الفسطاط حيث تم أعتقالهم قبل التشهير بهم فى موكب نصر كبير فى سنة 919 م
واضطر الأمير الفاطمى إلى الخروج من الإسكندرية نحو الفيوم ثم برقة بينما فر الوالى الفاطمى ابن بعله ودخل ثمل الخادم الإسكندرية سنة 309 هـ / مايو 931 م وانتقم من أهلها المتعاونين مع الفاطميين فنفاهم إلى رشيد
وكان خروج جوهر الصقلى فى سنة 358 هـ / 969 م على رأس قواته الضخمة نحو مصر وعندما بلغ الإسكندرية كان سقوط مصر هذه المرة أمراً موكداً وببناء القاهرة أصبحت مصر امبراطورية خلافية وكان للإسكندرية أن تزدهر


صورة قديمة لاحد ميادين الاسكندرية
مدينة الإسكندرية فى العصر الفاطمى
الدولة الفاطمية دولة وخلافة شيعية إسماعيلية قامت فى المغرب الأدنى على أكتاف المغاربة من قبائل بربر كتامة وصنهاجة فى أواخر القرن الثالث الهجرى وبسطت نفوذها على معظم أنحاء المغرب العربى الكبير وعلى العديد من الجزر الغربية فى البحر المتوسط مثل صقلية ومالطة وأتجهت أبأبصارها شرقاً نحو أمتلاك مصر لما تمتاز به من موقع جغرافى فريد فى قلب العالم العربى
وقد بدأت حملات الفاطميين على حدود مصر الغربية منذ أيام خليفتهم الأول عبد الله المهدى وولده محمد القائم
أرسل الفاطميون ثلاث حملات لغزو مصر
1- الأولى : سنة 301 هـ / 913 م 2- الثانية : سنة 307 هـ / 917 3- الثالثة : سنة 324 هـ / 936 م
وقد فشلت هذه الحملات الثلاث لأن الخلافة العباسية فى ذلك الوقت كانت من القوة بحيث تستطيع أن تصد تلك الحملات ثم شغل الفاطميون عن غزو مصر بسبب الثورة الداخلية التى قام بها الخوارج بقيادة أبى يزيد الخارجى وأتباعه الزناتيين
وفى عهد الخليفة الفاطمى المعز لدين الله أبى تميم معد ( 341 – 365 هـ / 952 – 975 م ) قام الفاطميون بمحاولة رابعة ناجحة لغزو مصر بقيادة جوهر الصقلى نتيجة لضعف الخلافة العباسية فى ذلك الوقت . خرج الجيش الفاطمى من القيروان فى 14 ربيع الآخر 358 هـ / 5 فبراير 969 م تصحبه بعض القطع البحرية فأستولى على الإسكندرية ثم واصل زحفه إلى الجيزة فوصلها فى 17 شعبان من نفس السنة ثم عبر مخاضة فى النيل وقضى على المقاومة الإخشيدية التى أعدت لقتاله على الضفة الشرقية للنيل ودخل مدينة الفسطاط ظافراً. عسكر جوهر بجيشه فى الموضع الذى أنشأ فيه مدينة القاهرة وهو السهل الرملى الواقع فى شمال شرق الفسطاط وكان ذلك لغرض حربى وهو تغطية المدينة الثلاثية : الفسطاط والعسكر والقطائع وحمايتها من غارات أبناء عمومتهم القرامطة فى جنوب الشام ولعل هذه الصفة الحربية والحراسة القوية التى كانت عليها مدينة القاهرة كدار خلافة هى التى أعطتها هذه الصفة التى عرفت بها وهى " القاهرة المحروسة " واقترن اسم جوهر ببناء الجامع الأزهر فى القاهرة وتم أفتتاحه للصلاة فى يوم الجمعة 7 رمضان سنة 361 هـ
وهكذا تحولت مصر بعد الفتح الفاطمى إلى مركز قيادى مستقل فى العالم العربى وقد أندمجت الدولة الفاطمية فى الحياة المصرية وكان لها أثر كبير فى توحيد عناصر الأمة المصرية ونضوج شخصيتها لأنها كانت دولة متسامحة إلى حدود بعيدة وساوت بين المسلم والقبطى واليهودى مما ساعد على مزج العناصر المصرية بعضها ببعض كما ساعد على إزدهار الحياة الإقتصادية والفنية بالبلاد
وكانت مصر فى العصر الفاطمة مقسمة إلى أربع كور أو ولايات كبيرة هى
ولاية قوص وكانت أعظم ولايات مصر لأن عاملها يحكم جميع بلاد الصعيد
ولاية الشرقية وكان عاملها يحكم منطقة بلبيس وقليوب واشموم
ولاية الغربية ويلى عاملها المحلة ومنوف وأبيار
ولاية الإسكندرية ويلى عاملها اقليم البحيرة كله
وقد صارت الإسكندرية فى العصر الفاطمى أهم قاعدة بحرية فى شرق حوض البحر المتوسط على الصعيدين الحربى والإقتصادى . اما من الناحية الإقتصادية فقد جمعت الإسكندرية بين مزايا الزراعة والصناعة والتجارة وراجت فيها زراعة النباتات الزيتية واستخراج زيت الشيرج من السمسم وزيت الزيتون من الزيتون إلى جانب صناعة الصابون والشمع والتحف الزجاجية والمنسوجات الكتانية كذلك يلاحظ أن استمرار تبعية جزيرة صقلية للدولة الفاطمية قد ساعد فى أزدياد النشاط التجارى السكندرى فى حوض البحر المتوسط مما جعلها مركزاً تجارياً عالمياً أيام الفاطميين
انفردت مدينة الإسكندرية بين المدن المصرية بشخصية مميزة فى سماتها ومعالمها وموقعها وثقافة ولهجة أهلها على مر العصور ومن أمثلة ذلك
أولاً : احتفظت شوارع الإسكندرية فى العصر الفاطمى بتخطيطها القديم من حيث الإستقامة والإتساع والامتداد شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً بحيث تتقاطع فى زوايا قائمة على شكل رقعة الشطرنج هذا إلى جانب منارة الإسكندرية وعمود السوارى
ثانياً : تميزت الإسكندرية بموقع جغرافى فريد جعلها ترتبط ببلاد البحر المتوسط إلى درجة أن الاغريق والرومان نظروا إليها ككيان خاص إلى جانب مصر فوصفوها بقولهم Alexandria ad Aeegyptum أى الإسكندرية المتاخمة لمصر أو القريبة من مصر وهو وصف صادق ظلت الإسكندرية تتميز به إلى عصورنا
ثالثاً : انفردت الإسكندرية بملامح مغربية مميزة دونا عن غيرها من المدن المصرية وقد أطلق عليها " باب المغرب " لأنها كانت معبراً للمغاربة القادمين والعائدين والمقيمين بقصد الحج أو العلم أو التجارة أو الزيارة وكانت الإسكندرية أول مدينة مصرية انشئت فيها المدارس السنية فى أواخر العصر الفاطمى مثل المدرسة الحافظية والمدرسة السلفية
رابعاً : نعمت مدينة الإسكندرية فى العصر الفاطمى بالرخاء وافزدهار وتمتع أعيانها وتجارها وعلية القوم فيها بحياة رغدة مترفة دفعتهم إلى البناء والتشييد حتى أصبحت المدينة تزخر بالقصور الفخمة الشامخة والبساتين الأنيقة والمتنزهات النضرة ذات النافورات الكبيرة
وأخيراً انتهت الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الأيوبى السنى الذى كان يخشى من قيام ثورة شيعية فى البلاد ولهذا عمد إلى تجربة أولية فى أحد المساجد فتمت دون أن يحتج أحد عندئذ أمر بتعميم الدعوة للخليفة العباسى
هكذا زالت الخلافة الفاطمية زوالاً هادئاً وكان الخليفة العاضد فى ذلك الوقت مريضاً ومات بعد هذا الحادث بثلاثة أيام دون أن يعلم أن الدولة الفاطمية قد زالت رسمياً



احدى المعروضات في متحف الاسكندرية
الإسكندرية فى عصر الدولة الأيوبية
الدولة الأيوبية دولة إسلامية مجاهدة من بدايتها إلى نهايتها فقد أقترنت بدايتها بنصر حطين الذى استردت فيه بيت المقدس من أيدى الصلبين كما أقترنت بهايتها بنصر المنصورة الذى طردت فيه جيوش الفرنسيين بقيادة ملكهم لويس التاسع من الأراضى المصرية
وقد حظيت مدينة الإسكندرية بنصيب وافر من الأعمال الجهادية والمعارك الحربية بالإضافة إلى دورها البناء فى الازدهار العمرانى والنشاط التجارى والعلمى وهو ما نلخصه فى الخطوات التالية
أولاً : عمل صلاح الدين على تحصين الثغور المصرية المطلة على البحر المتوسط مثل الإسكندرية ودمياط ورشيد فأمر بعمارة أسوارها وأبراجها وحفر الخنادق حولها وقد زار الإسكندرية ثلاث مرات وبفضل عنايته أصبحت الإسكندرية القاعدة البحرية الكبرى فى مصر
ثانياً : حرص صلاح الدين على رفع أجور رجال الأسطول لتحسين حالهم مما شجع الناس على الإنخراط فى ديوان الأسطول
ثالثاً : كان يوجد بالإسكندرية ديوان أسمه " المتجر السلطانى " لشراء مختلف البضائع المستوردة من الخارج واللازمة للجيش والأسطول كالأخشاب والحديد والأقمشة الصوفية
رابعاً : أهتم صلاح الدين بتقوية أجهزة الدفاع والحراسة لحفظ السواحل والموانى وقد جرت العادة لحماية ميناء الإسكندرية وما فيها من السفن أن تشد سلاسل حديدية فى البحر عند مدخلها وما زال اسم السلسلة يطلق على الميناء الشرقى .
خامساً : استضافت الإسكندرية جالية مغربية كبيرة ساهمت فى الدفاع عنها فقد استخدم صلاح الدين المغاربة فى اساطيره نظراً لاختصاصهم ومهارتهم فى هذا الجهاد البحرى
سادساً : عمل صلاح الدين على بث روح الحرب والجهاد وفى نفوس المسلمين وتهيئة عقولهم لهذا الواجب المقدس عن طريق المدارس العديدة التى انشأها فى مصر والشام
سابعاً : امتد أهتمام صلاح الدين بمدينة الإسكندرية إلى الجانب الحربى جوانب أخرى عمرانية واقتصادية وثقافية مما ساعد على أزدهار حضارتها ورفاهية أهلها
ثامناً : من معالم الإسكندرية المستمرة البارزة فى العصر الإسلامى ترعتها التى تربطها بالنيل والتى لم تلبث شواطئها أن اخضرت وربت وصارت عامرة بالقصور والبساتين التى كان يقصدها الأهل للتنزه أو لصيد السمك أو لوصف محاسنها بالشعر الجميل ، إلى جانب أهميتها التجارية ولاسيما وقت فيضان النيل حينما يرتفع فيها منسوب المياه مما يسهل على المراكب التجارية القادمة فى النيل من القاهرة مواصلة السير فيها إلى الإسكندرية ذهاباً وإياباً حاملة السلع الصادرة والواردة المختلفة
تاسعاً : بعد وفاة صلاح الدين سنة 589 هـ / 1193 م أستمر ابناؤه وخلفاؤه من ملوك بنى أيوب يولون الإسكندرية عنايتهم ويحرصون على زيارتها والإشراف على شئونها
وقد جاءت الحملة الصليبية بقيادة لويس التاسع إلى مصر سنة 1849 م وقد اقترنت احداث هذه الحمله بنهاية الدولة الأيوبية وقيام دولة مماليكهم الأتراك بعد أن قتل آخر ملوكها تورانشاه بن الصالح أيوب وانتصارهم كذلك على الفرنسيين وطرد فلولهم من مصر سنة 648 هـ / 1250 م
إن الدولة الإيوبية تعتبر مثل سابقتها الفاطمية من الدول الإيجابية الفعالة التى قامت بجليل الأعمال وفى عهدها ازدهرت مدينة الإسكندرية فى مختلف الميادين السياسية والحضارية ولهذا خلدها التاريخ



المصطافين يسبحون في بحر الاسكندرية
الإسكندرية في عصر دولة المماليك
أولا: تاريخ الإسكندرية في عصر دولة المماليك البحرية
يعتبر عصر دولة المماليك البحرية العصر الذهبي لمدينة الإسكندرية فقد بلغت فيه ذروة تقدمها العمراني نتيجة للنهضة الاقتصادية التي لم تشهدها المدينة في عصر من عصورها الإسلامية السابقة ونتيجة للاهتمام الكبير الذي أولاها إياه الملوك والسلاطين بعد أن أصبحت محط أنظار العالم
ويرجع الفضل في ازدهار الإسكندرية وتألقها في عصر دولة المماليك البحرية إلى ثلاثة سلاطين هم الظاهر بيبرس والناصر محمد بن قلاوون والأشرف شعبان
كان الظاهر بيبرس أول من اهتم بالإسكندرية من سلاطين المماليك البحرية فقد زارها أربع مرات الأولى أمر بكسوة الجامع الغربي وصنع قناديله وعمارته من ماله الخاص وعمل على تحصين الثغر وترجم أسواره
والثانية أمر بتطهير خليج الإسكندرية من الرواسب الرملية التي أخذت تغمر فوهته وتعوق مجراه
والثالثة أمر بنصب مائة منجنيق على أسوار الإسكندرية والزيارة الرابعة 672 هجرية قام بترميم منارة الإسكندرية
وواصل السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون سياسة الظاهر بيبرس في العناية بثغر الإسكندرية واهتم بترميم منار الإسكندرية اثر زلزال عنيف 702 هجرية واهتم بحفر خليج الإسكندرية 710 هجرية ونلاحظ أن هذا الخليج السكندري ظل يعمل في 770 هجرية ثم انقطعت مياهه وانطمر بالرمال فتلفت أكثر بساتين الإسكندرية وخربت وتلاشت كثير من القرى التي كانت قائمة على حافتي خليج الإسكندرية
ثانيا: تاريخ الإسكندرية في عصر دولة المماليك الشراكسة
نالت الإسكندرية نصيبا وافرا من رعاية سلاطين المماليك الشراكسة وأولهم السلطان ناصر الذي زارها في 814 هجرية .أما السلطان قايتباي فقد اختار هذا السلطان موضع منار الإسكندرية القديم ليبنى علية برجا عظيما عرف الآن بقلعة قايتباي وقد أنشئت في هذا العصر الأبنية الدينية من أهمها مسجد أبى العباس المرسي ومسجد الشيخ ياقوت بن عبد الله الحبشي المعروف بياقوت العرش تلميذ أبي العباس ومسجد الشيخ البوصيري صاحب البردة كذلك أقيمت عدة دور للحديث أهمها دار الحديث التكريتية ودار الحديث النبيهية
وفى أواخر القرن التاسع الهجري كشف البرتغاليين طريق رأس الرجاء الصالح 892 هجرية 1478 ميلادية وقد عرف العلم الأوروبي سوقا تجارية جديدة تنافس السوق المصرية ففي رخص الأسعار ولم تلبث الدول الأوربية التي كانت تتعامل مع مصر إلى أن تحولت إلي السوق الاخري وأصابت الاقتصاد المصري بكثير من الضرر نتيجة لتحكم السوق البرتغالي في الطريق التجاري القديم الذي يربط مصر بالهند وذلك بمرابطته أمام مدخل البحر الأحمر ليحول دون خروج السفن المصرية نحو المحيط الهندي وهكذا ضمن البرتغاليون لأنفسهم السيادة في أسواق التوابل. وقد ظهر أثر هذا التدهور الاقتصادي في العمران السكندري إذ تحولت بساتين الإسكندرية إلي أرض قفراء بسبب انقطاع مياه النيل عن المدينة وبسبب تحول كثير من التجار الأجانب إلي السوق الأوروبية
وفى الفتح العثماني نهاية لهذه المأساة حيث فقدت الإسكندرية مكانتها القديمة وأنكمش عمرانها واقتصر على الرصيف الممتد من الشاطئ وجزيرة فاروس القديمة



من متحف الاسكندرية احد الاثار التي تم العثور عليها في الاسكندرية
الإسكندرية فى العصر العثمانى ( 1517 – 1798 م
اضمحلت الإسكندرية خلال العصر العثمانى وبدأ معلم التدهور والاضمحلال يظهر فى عهد الأشرف برسباى ويرجع ذلك إلى وقعة القبارصة التى تسببت فى تدمير المدينة وتخريب عمرانها واكتشاف البرتغاليين لطريق رأس الرجاء الصالح عام 1498الذى كان بمثابة ضربة قوية اصابت كيان الإقتصاد المصرى وفقدت المدينة أهميتها التجارية وانقطعت الصلة بينها وبين أوروبا والعالم الخارجى
وبلغت شدة الإضمحلال عندما فقدت مصر استقلالتها وتحولت إلى مجرد ولاية تابعة للدولة العثمانية عام 1517.
وقد اقتصرت الصناعة فى الإسكندرية فى العصر العثمانى على بعض الحرف الضرورية للإستهلاك المحلى وكانت فى جملتها حرفاً يدوية
وقد عانى مجتمع الإسكندرية مثلما عانت بقية اجزاء مصر من تضاؤل سلطة الدولة العثمانية فى البلاد التى أصبحت مجرد سلطة شكلية فى النصف الثانى من القرن الثامن عشر



















bRb ..~




رد مع اقتباس