الف ليلة وليلة... الليلة التاسعة

قالت دنيا زاد لاختها شهرزاد اكملى لنا حديثك عما فعله الملك مع الشاب المسحور

فقالت حبا وكرامة فى مولاى بلغنى ايها الملك السعيد ذو الراى الرشيد

انه لما اقتربت الزوجة من الملك ظنا منها انه سيدها الاسود

اخذ صارمة (مثل الرمح ) وطعنها به في صدرها حتى خرج من ظهرها ثم ضربها فشقها نصفين

وخرج فوجد في انتظاره فهنأه بالسلامة وقبل الشاب يده وشكره فقال له الملك : ما اريد الا ان تربط مدينتى بمدينتك

فقال الشاب: يا ملك الزمان أتدري ما ينك وبين مدينتك? فقال يومان ونصف

عند ذلك قال له الشاب: إن كنت نائماً فاستيقظ إن بينك وبين مدينتك سنة للمجد وما أتيت في يومين ونصف إلا لأن

المدينة كانت مسحورة وان كنت تريدنى فانا لا افارقك طرفة عين

ففرح الملك بقوله ثم قال الحمد لله الذي من علي بك فأنت ولدي فان الله لم يرزقنى بالولد

ثم مشيا حتى وصلا إلى القصر واخبر الشاب الذى هو ملك اراب دولته انه ذاهب الى الحج فهيئوا له جميع ما يحتاج

ثم توجه هو والسلطان الى مدينته ولم يزالا مسافرين ليلاً ونهاراً سنة كاملة حتى أقبلا على مدينة السلطان.

فخرج الوزير والعساكر وقبلت الأرض بين يديه وهنؤه بالسلامة فدخل وجلس على الكرسي ثم أقبل على الوزير

وأعلمه بكل ما جرى على الشاب ولما استقر الحال قال للوزير علي بالصياد الذي أتى بالسمك فأرسل إلى ذلك الصياد

الذي كان سبباً لخلاص أهل المدينة . فلما حضر سأله عن حاله وهل له أولاد فأخبره أن له ابناً وبنتين فتزوج الملك

بإحدى بنتيه وتزوج الشاب بالأخرى وأخذ الملك الإبن عنده وجعله خازندارا

ثم أرسل الوزير إلى مدينة الشاب التي هي الجزائر السود وقلده سلطنتها

وأما الصياد فإنه قد صار أغنى أهل زمانه وبناته زوجات الملوك إلى أن أتاهم الممات

وتكمل شهرزاد الحديث فتقول: وما ها كان باعجب مما حدث للحمال

فنظر اليها شهريار فى تعجب وذهول وقال لها وماذا حدث له هو الاخر

قالت : كان من مدينة بغداد وبينما هو في السوق يوماً متكئاً على قفصه إذ وقفت عليه امرأة ملتفة بإزار من حرير

فرفعت قناعها وقالت له : احمل قفصك واتبعنى. فحمل الحمال القفص وتبعها إلى أن وقفت على باب دار فطرقت الباب فنزل له رجل فأعطته ديناراً وأخذت منه مقداراً من الزيتون وضعته في القفص وقالت له: احمله واتبعني، فقال

الحمال: هذا والله نهار مبارك

ثم حمل القفص وتبعها واخذت تشترى ما فى السوق من خضروات وفاكهة ولحوم ووضعته في القفص وقالت له:

احمل يا حمال فحمل وتبعها، ثم وقفت على دكان الحلواني واشترت طبقاً وملأته جميع ما عنده من مشبك وقطايف

وميمونة ووضعت جميع أنواع الحلاوة في الطبق ووضعته في القفص. فقال الحمال: لو أعلمتني لجئت معي ببغل

تحمل عليه هذه الأشياء، فتبسمت.

ثم وقفت على العطار واشترت منه عشرة مياه ماء ورد وماء زهر وخلافه وأخذت قدراً من السكر وأخذت ماء ورد

ممسك وحصى لبان ذكر وعودا عنبر ومسكاً وأخذت شمعاً اسكندرانياً ووضعت الجميع في القفص وقالت للحمال: احمل

قفصك واتبعني، فحمل القفص وتبعها إلى أن أتت داراً امامها رحبة فسيحة وعالية البنيان مشيدة الأركان ، فوقفت

على الباب ودقت دقاً لطيفاً وإذا بالباب انفتح بشقتيه. فنظر الحمال إلى من فتح لها الباب فوجدها صبية اخرى بوجه

كالبدر في الإشراق

فلما نظر الحمال اليها كاد القفص أن يقع من فوق رأسه، ثم قال: ما رأيت عمري أبرك من هذا النهار

ومشوا حتى انتهوا إلى قاعة فسيحة عليها الستور مرخيات، وفي وسط القاعة سرير منصوب عليه ناموسية خلفها

امراة اخرى لا تقل جمالا عن ما فتحت الباب

فنهضت الثالثة من فوق السرير إلى أن صارت في وسط القاعة عند أختيها وقالت: حطوا عن رأس هذا الحمال

المسكين، فاخذن ما مع الحمال وأفرغن ما في القفص وأعطين الحمال دينارين

وقالوا له تفضل ما نريد شيئا منك الان . فنظر لهن وسالنهن عن ان كان لهم رجال ام لا . فقلن : لا

فهم بالخروج ولكن عند الباب توقف

قالت له احدهن ما بالك الا تريد ان ترجع لبيتك ام استقللت الاجرة ؟والتفتت إلى أختها وقالت لها: أعطيه ديناراً آخر

فقال الحمال: والله يا سيداتي إن أجرتي نصف ذلك وولكن شغل عقلى بكن وكيف حالكن وأنتن وحدكن وما عندكن

رجال ولا أحد يؤانسكن

أنتن ثلاثة فتفتقرن إلى رابع يكون رجلاً عاقلاً لبيباً حاذقاً وللأسرار كاتماً . فقلن له: نحن بنات ونخاف أن نودع السر

عند من لا يحفظه، وقد قرأنا في الأخبار شعراً:صن عن سواك السر لا تودعنه من أودع السر فقد ضـيعـه

و تعلم أننا غرمنا على هذا المقام جملة من المال فهل معك شيء تجازينا به، فنحن لا ندعك تجلس عندنا حتى تغرم

مبلغنا من المال

فقالت صاحبة الدار: وإذا كانت بغير المال محبة فلا تساوي وزن حبة، وقالت البوابة إن يكن معك شيء رح بلا شيء

فقالت الدلالة يا أختي نكف عنه فوالله ما قصر اليوم معنا ولو كان غيره ما طول روحه علينا ومهما جاء عليه أغرمه

عنه

ففرح الحمال وقال والله ما استفتحت بالدراهم إلا منكن، فقلن له اجلس على الرأس والعين وجهزوا الطعام والشراب

واخذوا يتنادمون حتى اقبل الليل و لعبت الخمرة بعقولهم وباتوا ليلتهم ولما اصبح الصباح واستيقظو من المنام

قالوا له توجه من حيث اتيت فقال الحمال والله خروج الروح أهون من الخروج من عندكن، دعونا نصل الليل بالنهار

فقلن له: تبيت ليلتك هذه ولكن بشرط أن تدخل تحت الحكم ومهما رأيته لا تسأل عنه ولا عن سببه

فقال نعم . فقلن قم واقرأ ما على الباب مكتوباً

فقام إلى الباب فوجد مكتوباً عليه بماء الذهب: لا تتكلم فيما لا يعنيك تسمع ما لا يرضيك

وهنا ادركت شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح