خربشات

في ساعة متأخرة من الليل، أشعر بوخز في صدري؛ فأضيء الشمعة الوحيدة
الباقية في غرفتي حتى لا أضلّ الطريق المؤدية إلى قلبي..
إلى مكان الوجع..
إن من يشعل نصف شمعة لا يرى إلا نفسه..
فلا هو تركها تحترق وعاد إلى ظُلْمته
ولا أضاء بنورها الظلام.. بعض النور يبدد العتمة
وبعضه ينشر الضوء..
أما وجهك فيبدد العتمة وينشر الضوء..
وجعي ليس منك.. وجعي إليك.




ما أعذب وجع الحب، وما أرق وجع الكتابة لمن نحب..
إن ألم الكتابة أقسى من الكتابة عن الألم
والأقسى من كل ذلك أن نقرأ ما كتبه لنا مَن نُحب وهو في حالة انكسار.
لقد كان فراقك قدري الذي عجزتُ عن الفرار منه
وكان لقاؤك قدري الذي عجزت عن الحصول عليه..
إن وجع البحث عمّن نحب أشد مِن وجع فقده..
أشعر بأنني صرتُ أحمل أوجاعي في قلمي
وأحمل قلمي في فؤادي.. ليس من حق العاشق أن يختار حبيبه
ولذلك فإنه لا يختار أوجاعه
وبقدر حبّنا تكون أوجاعنا.




أنا لستُ غاضباً عليكِ، بل على كل الأشياء التي لا تؤدي إليكِ..
لقائي بك كان القدر الأجمل في حياتي.. لقائي بكِ كان حياتي.
إن أكثر الأقدار إيلاماً هي التي تمر بنا على من نحب
دون أن تتوقف عنده، كقطار يتجه إلى آخر الأرض متغاضياً
عن أجمل من سكن في الأرض.
يالأوجاعنا عندما نحب من نعجز عن الاحتفاظ بهم!
يالوجعي منك عندما لا تستوعبين حاجتي إليك.
الأكثر وجعا من الكتابة إليك هو البكاء عليك.
خيبات الحب بساتين الكتابة.. إن من يكتب لمن يحب لا يخاطر بحياته
ولكن بكرامته. إلا أنه لا كرامة لعاشق.
كنت أريد أن أذرف معك كل الدموع المتبقية في عيني حتى لا أبكي بعدك.
. وجعي منك لا يبكيني، ولكن بكائي عليك يوجعني
لولا بُكائي عليك؛ لمِتُّ مِن شوقي إليك.

أَصْدَقُ لحظات الحب هي التي تُباغتنا بعد رحيل من نُحب
ثمة أشياء نفتقدها عندما تكون لدينا، ونفهمها بعد أن ترحل عنا
أما أنت، فأفتقدك عندما تكونين معي، وأفتقدك بعد أن ترحلين.
وحدكِ من تجعليني أكتب.. ووحدكِ من تمسحين.
سأحبك الآن، وسأبكيك غداً.. ويكفي مِن الآن أنّي أُحبك.
إن وجع الرحيل يشبه وجع السقوط، فكلاهما يبدآن بالدهشة وينتهيان بالتحطم.



البكاءُ عزْفٌ، الدموع لَحْنه، وفراقك أوتاره.
أَكتبُ اسمكِ في ورقة، وأدسّها تحت وسادتي
علّكِ تَرِدِين في بعض أحلامي.. الأصعب من إخفاء لذة الحب
هو إخفاء الشقاء بعده.. لا شيء يَجبُر انكساري بعدك إلا انكساري معك.
تزداد رقّة قلوبنا كلما توغلنا في حب من نُحِب،
وتزداد هشاشتها كلما ابتعدنا عنهم..
من الصعب أن تكتب بحيادية عمّن تحب
فإن أنصفته لم تُنصِف قلبك.




كم يلزمني من الأوجاع حتى أعتاد فراقك.. إن من نتألم لرحيلهم نفقد القدرة على تجاوزهم…
يا انفلات جنوني.. يا انكسار المشتاق، وشوق المنكسر.. كم أحببتُ الكتابة معك، وكم آلَمَتْني بعدك..
ما عدت قادراً على الاشتياق إليك، فكل أشواق الدنيا لا تملأ مكانك في قلبي الآن.
إن بوحنا بمشاعرنا لمن نحب يشبه تسلق جبلٍ مكسوٍ بالجليد، كلما توغلنا فيه ازددنا ارتجافا، وكلما ابتعدنا عنه ازددنا شوقا لأوجاع الثلج والتكسّر.




لا أستطيع أن أقاوم رغبتي في الكتابة كلما تذكرتك..
ولا أستطيع أنا أقاوم رغبتي في البكاء كلما رسمتك.
لا تكمن مشكلة العاشقين في التعبير عن أنفسهم؛ بل في العبور إليها..
أما مشكلتي فهي في التعبير عني وفي العبور إليك.
درستُ الخط حتى أزيّن جدران غرفتي باسمك، وتعلمت الغناء حتى أردد
كلماتك كلما احتجت إلى حضورك.. كوني كلماتي حتى أغني
وكوني أغنياتي حتى أكتب..
ما أصعب أن نكتب لمن لا يقرأ، وما أقسى أن نغني لمن لا ينصت..
بين الكتابة والغناء ينبت الحب والألم.
لا يمكنني مقاومة الشوق، لأنه ولد عندما تلاقت أعيننا في اللقاء الأول
ولا يمكنني مقاومة الوجع، لأنه ولد عندما افترقت في اللقاء الأخير.




إن وجع فراقك أهون من وجع عودتك بعد فوات الأوان؛ فمن يأتِ بعد أوانه، لا يجد إلا أوراقاً ممزقة، وقلباً لم يكتمل نموه بعد.. كم هو موجع أن نعتاد غياب من نحب..! ثمة أوجاع لا نتخلص منها إلا عندما نحبها.




لو كان مِن حقي أن أختار وجعي، لاخترتك أنت مرة أخرى..
لِفَرط ما توجعت بعدك، صرتِ أنت والوجع وجهين لحبيبواحد


منقوووووال