|
#1
|
||||
|
||||
جدل طبي وأخلاقي حول زراعة أعضاء مصابة بالأورام بعد «علاجها
تسببت نتائج بحث علمي أميركي نُشرت أخيرا، في إثارة موجة من الجدل والاضطراب في الأوساط العلمية، حيث ذكر الباحثون أنهم قاموا بزراعة كلى لخمسة من المرضى، كانوا في المراحل الأخيرة للفشل الكلوي، وذلك بعد استئصال أورام صغيرة منها، بعضها حميد وبعضها خبيث. جاء ذلك في دورية «BJUI» الأميركية المختصة بعلوم الجهاز البولي في عددها الصادر في ديسمبر الحالي، حيث نشر فريق من الجراحين المختصين من كلية طب جامعة ميريلاند بولاية بالتيمور الأميركية، أنهم قاموا على مدار أكثر من ثلاث سنوات بزراعة كُلى كانت مصابة في البداية بأورام حميدة وخبيثة، بعد استئصال الأورام منها، لخمسة من المرضى في مراحل متأخرة من الفشل الكلوي بعد إعلامهم بما قد يترتب على ذلك من مشكلات خاصة باحتمالات عودة الأورام. زراعة مثيرة للجدل ويقول البروفسور مايكل فيلان (أحد المشاركين في البحث) إن «زراعة كلى، كانت تحمل شوائب من الأورام، من متبرع حي، هي أمر خلافي لا شك في ذلك، ولكن النقص الحاد المتزايد في العدد المتوافر من الأعضاء المطلوبة، وخطر الموت المتعاظم يوما بعد يوم في انتظار إجراء العملية، أغرى المرضى بالموافقة على تلقّي الأعضاء بعد «تنظيفها» من تلك الأورام الصغيرة». ذلك الأمر لم يعجب الكثيرين، سواء من العاملين بالحقل الطبي أو مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، فهاجموا التجربة متهمين القائمين عليها بخيانة شرف المهنة، وتعريض حياة المرضى للخطر، وإغراء المرضى اليائسين من الشفاء بالمشاركة في تجارب لا أخلاقية. ولكن أقوى دفاع عن أصحاب التجربة جاء من المرضى الذين خضعوا للدراسة أنفسهم، الذين قال أحدهم: «لا نريد من يدافع عنا، لسنا قاصرين. نحن ندري ما فعلنا تماما ووافقنا عليه بكامل إرادتنا الحرة. إن المتشدقين بحقوق الإنسان لا يعلمون كم كنا نعاني دون أن نجد حلا، لو أن أحدهم كان يُضطرّ إلى إمضاء الأيام والليالي على أجهزة الغسيل الكلوي، كما كنا نفعل، لما وجد القدرة ليفتح فمه ويتكلم». الأطباء من جهتهم ظهروا بكامل الثقة ولا يساورهم أدنى شك في أن ما فعلوه قد يتعارض مع مواثيق الشرف والأمانة الطبية. يقول فيلان إنه «تم إزالة أي أثر للأورام من الكُلى المستأصلة، كما تم استئصال أجزاء من النسيج السليم، ما يدعى بـ«نطاق الأمان»، حول الأورام وتحليلها نسيجيا للتأكد من سلامة الكلى قبل إعادة زراعتها في المستقبلين. إلى جانب ذلك فقد ظل كل مريض تلقى كلْية تحت المتابعة ما بعد الجراحة مدة تراوحت بين 9 أشهر و41 شهرا، وأن أربعة مرضى من الخمسة المذكورين بخير ولا يوجد لدى أي منهم شك في إصابة بالأورام، والمريض الخامس توُفّي نتيجة حادثة مرورية بعد عام من إجرائه للجراحة، وكان سليما تماما إلى حين حدثت الوفاة. ويؤكد فيلان: «على الرغم من ازدياد معدلات التبرع بالأعضاء سواء من الأحياء أو المتوفين، فإن معدل الاحتياج المتزايد للأعضاء يفوق المتوفر منها دائما، وعلينا كباحثين أن نجد حلولا غير تقليدية لهذه المشكلة من أجل إنقاذ أرواح بشرية تتعرض للفناء سنويا بدلا من الجدل حول شرعية أمور لا طائل منها، المهم هو متابعة المرضى بعد الجراحة للتأكد من عدم نشاط الورم مرة أخرى». وكانت أول جراحة لزرع الكلى قد تم إجراؤها في ولاية إلينوي الأميركية عام 1950 للسيدة روث تاكر، التي كانت تعاني مرض التحوصل الكلويPolycystic kidney disease، ورغم فشل الجراحة نظرا إلى رفض الجسم للعضو المزروع، فلم تكن مثبطات المناعة قد اكتُشفت بعد، إلا أن السيدة عاشت بعدها لمدة 5 سنوات لأن كليتها الثانية قد بدأت تعمل بشكل طبيعي، قبل أن توافيها المنيّة لأسباب لا علاقة لها بالجراحة. ثم بدأت الجراحات تجرى في ولاية بوسطن وباريس الفرنسية بين التوائم المتطابقة، كمحاولة لتقليل العوامل المناعية الرافضة إلى حدها الأدنى، حتى توصل العالم إلى إنتاج المواد المثبطة للمناعة في عام 1964. أسهل أنواع الجراحة وتُعتبر جراحات زراعة الكلى من أسهل جراحات نقل الأعضاء وأفضلها نتائج، بعد عمليات زرع القرنية، نظرا إلى السهولة النسبية لاستئصال وزراعة الكلى، وسهولة إجراء التوافق النسيجي، وإمكان أخذ العضو من شخص حي (الإنسان يستطيع الحياة سليما بأقل من نصف كلية واحدة)، إلى جانب أنه إذا ما فشلت الجراحة فإن الغسيل الكلوي قد يطيل عمر المريض قليلا في انتظار أمل جديد. ودواعي زرع الكلى تكون غالبا في حالات الفشل الكلوي المتأخر أو بعض الأمراض الوراثية. وقد تمنع بعض حالات الفشل القلبي والرئوي أو أمراض الكبد المزمنة إجراء العملية. أما عن المضاعفات، فأهمها رفض العضو المزروع نتيجة لنشاط الجهاز المناعي ضد العضو الجديد، أو الإصابات الميكروبية نتيجة الاستخدام المكثف للعقاقير المثبطة للمناعة لتلافي المضاعفة الأولى. وتعتبر الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا من أكثر دول العالم إجراء للعملية |
|
|