قصه قصيره جدا...... خاطره

ليس هناك ثمة إختلاف بين الأمس واليوم، نفس التردد فى أشعة الشمس، الشوارع كما هى، ذرات أتربة خلف دراجة نارية تنطلق، صوت طرق أقدام الناس بالأرض، همهمات أحاديثهم التى لا تنقطع، مجسمات المبانى الملتصقة ببعضها، لا شيئ يدعو للدهشة على الإطلاق سوى هذا الضياء المبهم، الجو معبأ ببعض الضيق ترسمها تجاعيد العبوس فى ظلال أغصان الأشجار المتساقطة أوراقها، غموض يغلّف سريرة النهار الذى لا تظهر ملامحه، فأنا لا أعرف التوقيت الآن، كان الأجدر بى إصلاح ساعتى لتخبرنى كم الساعة الآن،
.
.
.
..
.

لن أثقل على نفسى بالعتاب، فالأمر لا يحتمل ذلك، سأطلب من أحدهم بلطف ان يخبرنى كم الساعة، لكن أشعر بالحرج، ألن يبدو الأمر سخيفا أن يأتيه شخص من بعيد يسأله كم الساعة؟ كما لو أنى شحاذ، لكن الأسخف أن أظل هكذا دون معرفة كم الساعة الآن

أقبلت علي أحدهم يبدو عليه الوقار، مرتديا بدلة أنيقة، وفى إحدى يديه يمسك حقيبة وفى الآخرى ساعة يد، نعم أعتقد ذلك وربما من النوعية الفاخرة هكذا تقول هيئته، حين إقتربت منه إستقبلنى عطرا نفاذا جدا جعلنى أسرع فى سؤاله: معذرة سيدى وددت فقط معرفة كم الساعة؟
.
.
.
لم يرانى وأنا مقبل عليه ولم يلحظنى إلا عندما سمع سؤالى، إلتفت بهدوء ونظر لى وأطال وأمعن النظر بعينى حتى أصابنى الخجل، ظننت فى طريقة سؤالى عدم لباقة كافية وهممت أن أبدى أسفاً على إزعاجه بالسؤال لولا أن بادرنى قائلا: ولما تسأل عن الساعة؟

لامست فى ردّه فضولا مبالغاً وشعرت بإمتعاض من ذلك، أجبته: وكيف يكون يومى بدون الساعة؟ ثم أسهبت لأغلق عليه أى باب فضول آخر: وما معنى أن تحيا اليوم بدون الساعة؟ الصباح والمساء مرهون بالساعة، الولادة والموت يدوّنان بالساعة، فرق النجاح والتميّز بالساعة، فترات الألم تُقاس بالساعة، الله ذاته يسير بالساعة لينزل من السماء كل ليلة فى الثلث الأخير!
.
.
.
.
مهلا مهلا أمرك غريب، قالها بإبتسامة عطوفة ثم أردف يحدثنى بعد كلمة عزيزى: لما كل هذا الإهتمام بالوقت؟ أراك منهمك فى وصف الطعام وتنسى أن تأكله، معرفتك للساعة قد يثقل فكرك و رويدا رويدا سيصبح ذلك من أولوياتك وسيشغل حيزا من عقلك سرعان ما سينمو ليكون هاجساً، أن تشعر بالوقت كل ساعة كل دقيقة لن يمنحك الطمأنينة، صخب السؤال المتكرر، ثقة الجواب الممزقة بين الشّك والتخمين، عنفوان الأرق المستدام برغبة المعرفة كل ذلك سيطغى على أى إحساس تبحث عنه لقيمة الوقت ويفقدك أى لحظة إستمتاع به، صديقى أعتقد أنك مشوش وتحتاج بعض السكون والراحة، أنهى الحديث وصمت متلهفاً للتعقيب

قلت فى نفسى و اين الراحة والليل لا يعرف الساعة

.
.
.
.
.
..
.
.
حمــــــــــــــــــــــــاده المـــــــــــــــــــاجـــــــــيـــــــــــــــك ــ .
.

حمااااااااده

مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

حمااادة